قمة مكة: المخرجات والمعطيات… فهد الخيطان
أهم ما ترمز إليه التحركات الأخيرة، أن الأردن ليس وحيدا في مواجهة أزماته الداخلية والتحديات الخارجية المحيطة به.
قمة مكة الرباعية التي انعقدت يوم أمس بمبادرة من القيادة السعودية، هي أكبر تحرك على هذا الصعيد، وتحمل في طياتها إدراكا عميقا لأهمية استقرار الأردن كركن أساسي من أركان المنطقة.
في تعليقه على حزمة المساعدات التي أقرتها القمة والبالغة مليارين ونصف المليار دولار، يؤكد مسؤول اقتصادي بارز في الدولة، أنها ستسهم في تعزيز السيولة في المملكة وتزيد من قدرة الموازنة على الوفاء بالتزاماتها، إضافة إلى تعزيز سمعة الأردن لدى المؤسسات العالمية، وكسب ثقة المستثمرين.
وفور الإعلان عن حزمة المساعدات، ارتفعت قيمة السندات الأردنية في الأسواق العالمية لأعلى مستوى لها في أسبوع، وفق بيانات “تومسون”.
تبعث مثل هذه الإشارات رسائل مريحة عن حالة الاقتصاد الأردني، تدعمها إجراءات صارمة وحكيمة كان قد اتخذها البنك المركزي من قبل ضمنت استقرار الاحتياطي من العملات الأجنبية والذهب بما يزيد على 13 مليار دولار، تكفي لتغطية مستوردات الأردن لسبعة أشهر تقريبا.
وتشير تقديرات الخبراء إلى أن منهجية حزمة المساعدات الخليجية تصب في خدمة خطط الأردن لتعزيز مكانته عند المؤسسات الدائنة، بما يسمح مستقبلا بالحصول على تسهيلات وقروض بفوائد قليلة جدا، الأمر الذي يخفف أعباء خدمة الدين على الموازنة العامة للسنوات المقبلة، آخذين في عين الاعتبار أيضا، أن جزءا غير قليل من الحزمة سيذهب مباشرة لدعم الموازنة وعلى مدار خمس سنوات.
وفي هذا الصدد، علينا أن نضع جانبا الجدل حول قيمة الحزمة ونتذكر حقيقة أساسية واحدة، وهي أن الدول الثلاث بقيادة السعودية هي الوحيدة التي بادرت إلى تقديم دعم اقتصادي مباشر للأردن، وعدا عن ذلك كان كلاما طيبا وعسولا سمعناه من أصدقاء وأشقاء لم يترجم أفعالا.
أما الحقيقة الثانية التي ينبغي إدراكها، فهي أن المساعدات ليست بديلا عن برنامج التصحيح الاقتصادي ويجب أن لا تكون، بشرط أن نتجاوز الوصفة التقليدية التي تدفع ثمنها الفئات الاجتماعية متوسطة الحال والفقيرة.
هل سيكون للمساعدة الاقتصادية اشتراطات سياسية؟
لم نسمع تصريحا أو تلميحا من مسؤول خليجي ما يفيد ذلك. على مدار سنوات طويلة مضت، كان الأردن يتلقى مساعدات من دول خليجية، في سياق تحالف تاريخي وممتد، ولم يكن لهذا الأمر أي انعكاسات على مواقف الأردن سواء من القضايا الداخلية أو الخارجية.
الاستثمارات الخليجية في الأردن تقدر بعشرات المليارات، وهي في نمو مستمر، ولم تتأثر بمعطيات السياسة، وما يزال مئات الآلاف من الأردنيين يعملون في الأسواق الخليجية، وإن كان هناك من سياسات جديدة في سوق العمل فهي لا تستهدف الأردنيين حصرا، لا في السعودية ولا في قطر أو غيرها من الدول.
وثمة كلام كثير يدور عن صفقة القرن المزمعة لحل القضية الفلسطينية، وهي صفقة لم نطلع على بند واحد منها باستثناء تسريبات لا تؤكدها أي مصادر رسمية. وفي كل الأحوال، الصفقة ليست مطروحة على الأردن أو السعودية لتفرضها أو تقبلها، بل على الشعب الفلسطيني الذي لا تنقصه الشجاعة ليرفضها إن لم تتفق مع مصالحه الوطنية.