لبنان في طريق الانتصار على وباء كورونا بمساعدة أممية ودولية

حرير – أرخت جائحة كوفيد – 19 بظلها على العالم بأسره وعانى لبنان ما عاناه من نقص في الاسرّة ومادة الأوكسجين وخصوصا بعدما ارتفعت أعداد المصابين، وهو ما زاد عدد الوفيات.

وفي غياب هيئة لإدارة الكوارث، سارعت كل من اللجنة الوطنية لكورونا ومجلس الدفاع الأعلى لاحتواء الفيروس والحد من انتشاره، فتتالت حالات التعبئة العامة مع ازدياد عدد الاصابات، وخصوصا في فترات الأعياد، وقد أنشئت منصة “امباكت” لأخذ الأذونات للتنقل ساعدت كثيرا على تنظيم الخروج من المنازل والحد من الاكتظاظ.

وأصاب الوباء لبنان، فيما تعاني البلاد أزمة اقتصادية، وكان له بالإضافة الى تأثيره المباشر على الصحة الجسدية والعقلية للمتضررين وأقربائهم وأصدقائهم، تأثير غير مباشر أيضا على الوضع المالي للأسر الأكثر ضعفا، وعلى العديد من القطاعات الإنتاجية، من الصناعات الوطنية إلى المصالح التجارية الصغيرة.

ولمواجهة انتشار الفيروس، كثفت الحكومة بمساندة الأمم المتحدة وجميع الشركاء الجهود لمعالجة الحاجات والتحديات الملحة التي فرضتها الأزمات المتفاقمة، وترجمت إلى خطط وإجراءات استجابة منسقة وفورية لاحتواء انتقال الفيروس، بما في ذلك تقديم المساعدة التقنية والدعم والخدمات والمستلزمات، بناء القدرات، أنشطة التوعية، فضلا عن الحملات الإعلامية في وسائل التواصل الاجتماعي. ومع بداية انتشار الفيروس، تم تعليق السفر إلى لبنان من البلدان التي تشهد تفشيا خطيرا لفيروس كورونا المستجد، وأغلقت كل الحدود الجوية والبرية والبحرية في 18 آذار 2020، وفي 21 من الشهر نفسه، طلب رئيس الوزراء حسان دياب من المواطنين التزام “حظر تجول ذاتي” وأعطى القوى الأمنية تعليمات بالتشدد في تطبيق الإجراءات لضمان بقاء المواطنين في منازلهم، وشددت الحكومة الإجراءات في 26 من الشهر، وأعلنت حظر التجول مع استثناءات محدودة، ثم اعتمد مطار الرئيس رفيق الحريري الدولي في بيروت سلسلة إجراءات أعادت الرحلات، مع ضرورة إجراء فحوص الـ “بي سي آر” للوافدين وحجرهم لدى دخولهم الأراضي اللبنانية.

وكان التعاون وثيقا بين وزارتي الصحة العامة والاعلام لناحية الارشاد والتوجيه لتخفيف سرعة الانتشار، وخصوصا مع بروز السلالات الجديدة للفيروس، فأنشأت وزارة الاعلام موقعا رسميا لمتابعة أخبار الفيروس، ينشر أحدث الاحصاءات العالمية والمحلية لعدد الاصابات والوفيات، وبحسب الموقع سجلت أول إصابة في لبنان في 21 شباط 2020، وفي 29 منه أقفلت المدارس والجامعات التي اعتمدت النظام المدمج ومن ثم عن بعد في انتظار تلقي اللقاح.

وفي موازاة ذلك، أنشأت “الوكالة الوطنية للاعلام” بالتعاون مع “وكالة الصحافة الفرنسية” و”برنامج الامم المتحدة الانمائي “صفحة التحقق من الأخبار الزائفة لنفي الإشاعات عن الفيروس كوفيد-19 التي ملأت الدنيا وشغلت الناس، ولتمييز الخبر الصحيح عن الزائف”. ومن أجل مواجهة هذه الآفة المتزايدة، عملت وزارة الإعلام ومنظمة الصحة العالمية و”اليونيسف” و”برنامج الأمم المتحدة الإنمائي” على إطلاق حملات تثقيفية عبر التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي لمحاربة الأخبار الزائفة والمضللة وخطاب الكراهية، والحد من وهم الأشخاص بسبب إصابتهم بفيروس كورونا، وتم إطلاق حملات أخرى على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي بالتعاون مع وزارة الصحة، تعنى بتقديم النصائح العملية حول كيفية اتخاذ تدابير وقائية من الفيروس وتدابير أخرى للشفاء منه.

وكان للجائحة تأثير سلبي على بعض النساء المحجورات في البيوت، اللواتي تحملن وطأة الإغلاق الناجم عن كوفيد-19، وزادت الأزمة من أعباء عمل المرأة غير المدفوعة الأجر، كما زادت من تعرضها للعنف المنزلي، وعرضتهن لخطر العدوى بما أنهن يشكلن غالبية العاملين في مجال الرعاية الصحية في لبنان.

وفي إطار المساعدات الدولية للبنان لمواجهة تفشي فيروس كورونا، ساعد البنك الدولي لبنان في إطار مشروع تعزيز قدرة النظام الصحي فيه على التكيف من أجل التصدي للأزمة، وساعد هذا التمويل على تجهيز المستشفيات الحكومية، وزيادة قدرتها على اختبار الحالات المشتبه بإصابتها بالفيروس ومعالجتها، وتقوية قدرات العمال الصحيين والمستجيبين في خط الدفاع الأول لمنع استمرار انتشار المرض.

وتم إطلاق حملات عدة منها حملة شارك فيها إلى جانب الحكومة أكثر من 30 شريكا، من بينهم منظمات الأمم المتحدة في لبنان والمجتمع المدني، تحت هاشتاغات (#بعدماخلصنا) (#إبقى_آمنا) لزيادة الوعي حول حقيقة أن عدد المصابين بفيروس كورونا في لبنان يتزايد كل يوم. وذكرت تقارير منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة العامة اللبنانية، ووحدة المراقبة الوبائية مع منظمة الصحة العالمية ومعهد بحوث النظم البيئية، أنه تمت متابعة عدد الاصابات يوميا بدقة لاتخاذ التدابير اللازمة.

وساهمت الجهود المبذولة من الأفراد إلى المؤسسات العامة والخاصة بقوة في منع انتشار الفيروس، ولكن أظهرت بعض الممارسات في الشارع، وواقع زيادة عدد الحالات، أن الجميع عليهم بذل المزيد من الجهود، وأن الفيروس لن ينتهي في المدى المنظور، وأن أثره على صحة الأفراد وسبل عيشهم والاقتصاد ينخفض فقط في حال استمر جميع الأفراد، والقطاعات العامة والخاصة، بالتزام التدابير الوقائية.

وحصد الفيروس في لبنان 38 طبيبا استشهدوا أثناء قيامهم بواجبهم في مستشفيات عدة.

وفي ما يتعلق باللقاحات، ساعد البنك الدولي، في إطار مشروع تعزيز النظام الصحي الحالي، على توفير اللقاحات للبنان الذي شهد قفزة غير مسبوقة في أعداد المصابين بالفيروس، وأعطيت الأولوية في حملات التطعيم بلقاحات كورونا للفئات التالية: العاملون في القطاع الصحي المعرضون للمخاطر، كبار السن فوق الـ 65 عاما، العاملون في مجال علم الأوبئة ومراقبتها، الأشخاص من الفئة العمرية 55-64 عاما الذين يعانون مرضا مزمنا أو أكثر، باعتبار أنه بإعطاء الأولوية لهذه الفئات، يمكن للبرنامج الوطني للتحصين خفض تداعيات الجائحة حتى في ظل معوقات الاستيراد.
وسهلت وزارة الصحة العامة حصول المواطنين على اللقاح بالتسجيل على المنصة الالكترونية moph.covax.gov.lb أو التواصل عبر الخط الساخن للقاحات 1214. وتقوم لجنة طبية بدراسة الطلبات المقدمة، وعند مطابقتها للشروط المطلوبة تتراوح فترة الرد بين يوم واحد وأسبوع، حيث يتلقى المواطن رسالة على رقم الهاتف المسجل في المنصة لاختيار موعد التلقيح.
وأطلقت وزارتا الإعلام والصحة العامة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية و”اليونيسف” و”وحدة إدارة مخاطر الكوارث”، فيديو للتوعية عن لقاح كورونا، في إطار الحملة الإعلامية التي سبق لوزارة الإعلام أن أطلقتها بالتعاون مع شركائها المحليين والدوليين، والتي تهدف إلى مد وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بالمعلومات العلمية الصحيحة والدقيقة حول فيروس كورونا واللقاح.
وتمحور الفيديو الذي وزعته وزارة الإعلام حول عملية التلقيح، بهدف ضمان حسن سيرها، وشرح دقائق الآلية التي حددتها وزارة الصحة العامة لتلقي اللقاح. يذكر أن وزارة الاعلام كانت نشرت على موقعها الإلكتروني وصفحتها المخصصة لكورونا، لائحة بـ 115 فيديو عن كورونا، تم إعدادها بالتعاون بين وزارتي الإعلام والصحة العامة ومديرية التوجيه في الجيش اللبناني و”اليونيسف” ومنظمة الصحة العالمية، للتصدي لجائحة كورونا عبر نشر الوعي وتقديم النصائح الطبية والإرشادات الوقائية.
وعمدت بعض البلديات التي حصلت على موافقة وزارة الصحة العامة لبيع لقاح كورونا حصرا إلى مجموعات من نقابات وبلديات وشركات وتأمينه للأفراد.
وألغى وزير الصحة فحص الـ “بي سي آر” عند الانتقال عبر أي من المعابر الحدودية البرية أو البحرية أو الجوية، للمسافرين الذين سبق وتلقوا جرعتين من اللقاح، وذلك بعد خمسة عشر يوما على الأقل من تاريخ تلقي الجرعة الثانية، على أن يبرز المسافرون شهادة التلقيح عند عبورهم أيا من المعابر بغية إثبات حصولهم على جرعتين من اللقاح، مع التشديد على أن الجرعة الواحدة من اللقاح لا تعتبر كافية لإلغاء فحص الـ “بي سي آر”.
ونظم لبنان الحوار الالكتروني الأطول حول العالم على مدار 30 ساعة ودقيقتين بعنوان “كورونا إلى أين” شارك فيه أكثر من 100 ضيف من حول العالم، لمعرفة أثر كورونا على القطاعات المختلفة. ويرجح دخول الحوار موسوعة “غينيس” للأرقام القياسية.
لقاح فايزروفي 13 شباط 2021 تسلم لبنان الدفعة الأولى من لقاح فايزر التي وصلت مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، عبر طائرة تابعة لشركة طيران الشرق الاوسط، قادمة من العاصمة البلجيكية بروكسل.
وأكد وزير الصحة أن “الحلم تحقق بدعم من شركائنا الأمميين والدوليين، ونشكر البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية واليونيسف وunchr  وngo والاونروا والأمم المتحدة وغيرها، وهذا الأمر ان دل على شيء فهو يدل على مصداقية وزارة الصحة العامة وعلى الشفافية والتعاطي البناء مع المؤسسات الدولية والأممية التي ستشاركنا، لا بل هي الشريك الأساسي بتحقيق هذا الهدف من خلال متابعة وصول هذا اللقاح من شركة فايزر”.
وتابع “نحن اليوم معنيون بكل المقيمين على الاراضي اللبنانية، البعثات الدولية والنازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين وكل المقيمين من الجنسيات كافة على الأرض اللبنانية، وإن استراتيجيتنا لمكافحة الوباء كما قلت، تعتمد المعايير الدولية والمرجعيات الصحية والطبية العالمية”.
إطلاق الحملةومع وصول الدفعة الأولى من لقاح فايزر، أطلقت حملة التلقيح من السرايا، وأكد رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب أن “الحكومة بذلت جهودا جبارة، وقامت بواجبها في هذه الحرب الضروس مع الوباء، على الرغم من كل الصعوبات والتحديات التي واجهتنا، نجحنا في تطوير القطاع الاستشفائي الرسمي، عبر خطة التنمية الصحية التي اعتمدتها وزارة الصحة، وكذلك برفع مستوى جهوزية القطاع الاستشفائي عموما، وقد أصبحت المستشفيات الحكومية فاعلة وتقوم بدروها ومقصدا لجميع اللبنانيين، بعد أن كانت مهملة في السابق وقاصرة عن تلبية الأمن الصحي الوطني”.
واضاف “لقد تمكنا من استحداث أكثر من ألف سرير إضافي للعناية الفائقة في القطاعين العام والخاص، وأكثر من ألفي سرير مخصص للحالات المتوسطة، واتخذنا مختلف الإجراءات للتعامل مع هذا الوباء وتداعياته: على مستوى الوقاية والرعاية الصحية، وعلى مستوى التشخيص والتتبع، وعلى مستوى التدابير والكفاءة الطبية، وبقي معدل الوفيات بحدود 1 في المئة، مقابل أكثر من 2 في المئة للمعدل العالمي. خضنا هذه المواجهة، وأكدنا أن لبنان يمتلك الكثير من القدرات والكفاءات التي نجحت في التخطيط والتدبير والمتابعة”.
وأطلقت حملة التلقيح على الرغم من المشاكل الاقتصادية والمالية التي يعانيها لبنان، بفضل الاتفاقيات المبرمة في وقت مبكر مع الشركات المعنية باللقاحات، ومنها لقاح “استرازينيكا” و”سبوتنيك” و”سينوفارم”، بالتعاون مع البنك الدولي والشركاء الدوليين، ومع بدء التلقيح نأمل أن نصل إلى حماية مجتمعية كافية، للاسراع في عودة دورة الحياة الطبيعية تدريجا إلى لبنان.
سنة وبائية قاسية جدا، ظالمة ومظلمة، مر بها لبنان، ولكن محبتنا لارضنا ووطننا تجعلنا نتطلع الى مستقبل مشرق، وإن شاء الله لن ننهزم.
وفي

مقالات ذات صلة