وظيفة إيرانية… ماهر ابو طير
تهدد الولايات المتحدة الاميركية، ايران، ومنذ عام 1980 تتواصل التهديدات، وتتنزل على الايرانيين، هذا على الرغم من ان الاميركان، انهوا خطرا لدول اخرى، في وقت اقصر من هذا بكثير، لكنهم في القصة الايرانية، يهددون، ويستفيدون في الوقت ذاته.
منذ مجيء ترمب الى الادارة الاميركية، والتهديدات الاميركية، ضد ايران تتصاعد، اضافة الى العقوبات والاجراءات الفعلية، والاسرائيليون ايضا، يدخلون على الخط، بتهديدات سياسية، وعمليات عسكرية في سوريا ولبنان.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه، هنا، يتعلق بالسبب الذي يجعل التكتيك الاميركي-الاسرائيلي، يتوقف عند حدود الحد من قدرات ايران، وليس انهاء المشروع الايراني كليا؟.
لم يتمكن الاميركيون والاسرائيليون، من انهاء المشروع الايراني، كليا، اذ ليس كل ما تريده الولايات المتحدة واسرائيل، يحدث باعتباره قضاء وقدرا، إنما هناك اسباب اخرى، يعرفها الخبراء في السياسات الاميركية، التي تعمد الى توظيف الاخطار وادارتها، من اجل تحقيق ارباح على جبهات اخرى.
في القصة الايرانية، تتعمد واشنطن عدم انهاء الخطر الايراني كليا، لانها تريد ان تبتز العالم العربي، بسبب الخطر الايراني، وطهران هنا، بشكل متعمد او غير متعمد، تتورط في هذا المخطط، بدلا من مصالحة المنطقة، وهي بعنادها وممارساتها، تمنح واشنطن الفرصة الكبرى، من اجل مواصلة الضغط على بنية المنطقة العربية، وثرواتها ومواردها وشعوبها، بذريعة حمايتها من الخطر الايراني، ومن المؤسف هنا، ان يكون لدى واشنطن القدرة على توظيف هذا الخطر، اذ في الوقت الذي تهدد فيه طهران، كل يوم، تترك بالمقابل الخطر الايراني دون معالجة على مدى عقود، من اجل مزيد من الارباح من كل المشرق العربي، تحت عنوان حمايته من الخطر الايراني، وهكذا نفهم سبب عدم معالجة المشروع الايراني، بشكل جذري، بل تركه ليتمدد تارة، ويتراجع تارة، فواشنطن توظفه لحساباتها الاعمق، وايران تدرك هذه اللعبة جيدا.
السبب الثاني الذي يجعل واشنطن، غير معنية بانهاء الخطر الايراني كليا، سبب وظيفي ايضا، اي تشظية المنطقة وتدميرها على اساس ديني ومذهبي وقومي، وللاسف فإن ايران ايضا، بدلا من اغلاق هذا الباب كليا، تتورط في هذا السيناريو بقصد او غير قصد، فتقدم خدمة لواشنطن، عبر الضغط على المنطقة العربية السنية، وتهديدها، والتسبب بهدم بنيتها على اساس مذهبي، وهذا يعني فعليا، ان واشنطن تترك المساحات لايران، من اجل تفتيت المنطقة، وهذا ما شهدناه من حيث نفوذ ايران في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين، عام 2003، ومن حقنا ان نسأل لماذا تركت واشنطن العراق للايرانيين، لو كانوا عدوا حقيقيا لواشنطن، وما شهدناه في مناطق اخرى، ولعل ما يمكن قوله هنا، ان واشنطن لديها قدرة خاصة، في توظيف الاخطار، وادامتها لغايات اخرى غير معلنة، والتحكم بدرجة الخطر، وفقا لما يريده الاميركيون، مع وجود خطوط حمراء معلنة.
لو كانت واشنطن صادقة، بشأن استقرار الاقليم، لوضعت حدا نهائيا لمخاطر المشروع الايراني، لكنها غير صادقة، فهي تستخدم الخطر الايراني، وتوظفه لغايتين، الاولى السطو على موارد المنطقة المالية، بذريعة حمايتها من الخطر الايراني، والثاني، ادارة الخطر الايراني بشكل يؤدي الى اشعال حروب دينية ومذهبية، وتفتيت المنطقة وتشظيتها، واثارة القلاقل فيها، واضعافها لمصلحة اسرائيل.
خطان احمران عند واشنطن فقط، في كل القصة الايرانية، النفط وتأمينه في المنطقة، وعدم الاقتراب منه، واسرائيل وحمايتها، ومالم تقم ايران بالاقتراب من هذين الخطين الاحمرين، فلن تكون واشنطن معنية، بانهاء الخطر الايراني كليا، بل ستعمد الى ادارة الخطر، بدلا من انهائه، من اجل تحقيق اهداف متعددة، في المنطقة.
لهذا كله اشتدت هذه الايام موجة التصعيد الاميركي ضد ايران، لسببين، اولهما حاجة واشنطن لمزيد من المليارات من المنطقة، ولان ايران حاولت ان تقترب من امن اسرائيل.