حسن نصرالله .. المساندة وليس المشاركة

على مدى ما يقرب من ساعتين من الزمن كان السيد حسن نصرالله سياسيا لامعا ومحللا بارعا عندما تحدث عن الخلفيات التي أدت إلى طوفان الأقصى ، وتداعيات الطوفان على إسرائيل باعتباره زلزالا كبيرا هز إسرائيل أمنيا وعسكريا ونفسيا ومعنويا ، وكشف عجزها وغباءها والطبيعة الوحشية لهذا الكيان .وقد أشبع المحللون السياسيون والعسكريون هذا الموضوع على مدارالشهر المنصرم من عمر هذا الذي يجرى على امتداد قطاع غزة .
ولما وصل للنقطة التي كان الناس في انتظار السيد نصر الله أن يغطيها في خطابه والمتعلقة بتصعيد الصدام على الجبهة اللبنانية لتخفيف الضغط على الجبهة الجنوبية فقد أوضح أن هذا مرتبط بمجريات الحدث في قطاع غزة ، وكأن ما يجري في القطاع لا يكفي لتسخين الجبهة اللبنانية ، وكأن مقتل أكثر من أحد عشر ألف غزي ، وإبادة عائلات كاملة ممتدة من الجدود إلى الأبناء وإلى الأحفاد ، وجرح أكثر من ثلاثين ألفا وتدمير مدن القطاع ومستشفياته ودور العبادة فيه والمدارس وكل المرافق الحيوية ليست كافية لمزيد من التصعيد على الجبهة اللبنانية وتحرك محور المقاومة بشكل جدي وحقيقي.
والسؤال متى يمكن أن يحصل التحرك المطلوب من محور المقاومة هل علينا أن ننتظر إلى أن يُجهز على سكان القطاع قتلا وتهجيرا وتدميرا ؟
وأما تأكيد السيد حسن نصر الله أن تخطيط وتنفيذ طوفان الأقصى كان فلسطينيا مائة بالمائة فقد أنظر إلى هذا التأكيد على أنه رفعُ مسؤولية هذا الحدث بالكامل عن حزب الله وعن إيران ، لأن كل المحللين السياسيين والعسكريين كان بينهم إجماع أن تحريك الأساطيل الأمريكية والتواجد العسكري المكثف في المنطقة كانت ايران وحزب الله المستهدفين.
وأنا إذ أعلم جيدا أن حزب الله لا يلعب وحده في الميدان وأن اعتبارات محلية لبنانية وإقليمية وتداخلات دولية تقف أمامه ولا يستطيع تجاوزها ، إلا أنني آخذ عليه ادعاءه وجود محور للمقاومة، ومن مسؤوليات أطراف المحور جميعا ليس المساندة والدعم بل والمشاركة كذلك في الوقوف صفا واحدا إذا ما اعترى طرف من أطراف هذا المحور تداعت الأطراف كلها للعمل دون تريث أو انتظار .
وصحيح أن السيد نصر الله قد أثنى على سرية ما قامت به حماس يوم السابع من أكتوبر ، إلا أن من لديه القدرة على فهم لغة الجسد وتعبيرات الوجه ونبرة الكلام يستشف عتبا كبيرا على حماس عدم إطلاع محور المقاومة على ما قامت به المقاومة الفلسطينية في ذلك اليوم . وكأن لسان حال السيد نصر الله يقول : ما دمنا غير مستأمنين فلن نغامر وسنكتفي بالدعم والمساندة ولكن ليس بالمشاركة ، ومادمتم قد خططتم فلسطينيا ونفذتم فلسطينيا فلتبقوا وحدكم في الميدان فلسطينيا .