جدل حول دمج “حماية الأسرة” و”الأحداث”
حرير _ جدل قانوني، أثاره قرار دمج إدارتي شرطة الأحداث وحماية الأسرة، حيث تتبعان لمديرية الأمن العام، في إدارة واحدة تحت مسمى”إدارة حماية الأسرة والأحداث”.
ففي وقت يرى فيه خبراء أن الدمج قد يُحقق إيجابيات، لجهة تجويد الخدمة المقدمة وتوحيد المرجعية والجهود، فإن وجهة نظر أخرى تؤكد أن قرارا من هذا النوع يتطلب تعديلا قانونيا، كون إدارة الأحداث أنشئت بموجب قانون.
وتنص المادة 3 من قانون الأحداث للعام 2014 على: “تنشأ إدارة شرطة في مديرية الأمن العام مختصة بالأحداث بموجب هذا القانون”، وهو ما دفع بقانونيين إلى الدعوة بالتريث لتحليل مسألة الدمج قانونيا، فيما رأى آخرون بأن “الدمج لا يُشكل مخالفة للقانون خصوصا أن المهام ستبقى قائمة ضمن الإدارة المستحدثة”.
الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام، العقيد عامر السرطاوي، قال إن “دمج تلك الإدارتين في إدارة واحدة تحت مسمى “إدارة حماية الأسرة والأحداث”، جاء في إطار تجويد الخدمة الأمنية، وتوحيد الجهود الهادفة لحماية النشء والأسرة”.
وأضاف أن هذا القرار “يهدف أيضا إلى تنظيم العمل في محيط الأسرة كلبنة واحدة، تتوافر فيها الحماية للأشخاص الأكثر عرضة، مثل النساء والأطفال والأحداث، بما في ذلك الحد من جنوح الأحداث وحمايتهم، وتطوير أساليب التعامل معهم في إطار يراعي النواحي النفسية والاجتماعية والأسرية، لمساعدة الأسرة للحفاظ على تماسكها وتمكينها من أداء دورها المجتمعي المهم”.
وأوضح السرطاوي “ستعمل إدارة حماية الأسرة والأحداث وفقا لمعايير الكفاءة والفاعلية من خلال توحيد المستوى الإداري وضمان الاستدامة، بما يعزز مزيدا من حقوق المرأة والطفل والجانحين، فضلا عن الإسهام بحرفية في دراسة مسببات جنوح الأحداث، مثل التفكك الأسري والحد منها، والاستفادة من الخبرات المتراكمة لدى إدارة حماية الأسرة في سبيل تطوير عمل شرطة الأحداث”.
ولفت إلى انه ستستفيد الإدارة من تسخير الإمكانات مجتمعة وتوحيد الهياكل الإدارية واللوجستية للارتقاء بالخدمة الأمنية والاجتماعية الفضلي المقدمة من خلال الإدارة بشكلها الجديد.
من جانبها، قالت المديرة التنفيذية لمركز العدل للمساعدة القانونية، هديل عبدالعزيز، “نتفهم أن هذا القرار جاء لحل تحديات لوجستية فعلا تُعاني منها الإدارتان من فترة، لكن ربما كان يجب أن يخضع القرار لحوار أكثر وتحليل قانوني أفضل من ناحية التأكد من مدى قانونيته، خصوصا أن إدارة شرطة الأحداث تم انشاؤها بموجب قانون الأحداث، والذي لم ينص على أي تخصصات أخرى تنضم إليها كإدارة، وهذا يحتاج إلى تحليل”.
وتتفق مديرة إدارة الحقوق المدنية والسياسية في المركز الوطني لحقوق الإنسان، الدكتورة نهلة المومني، مع عبدالعزيز في الرأي لناحية الجدلية القانونية، قائلة إن مسألة دمج الإدارتين يجب النظر اليها من جانبين “قانوني وآخر واقعي”.
ففي الجانب القانوني، أوضحت المومني “هو مخالف لقانون الأحداث للعام 2014، وتحديدا المادة 3، التي تنص على إنشاء إدارة متخصصة بالأحداث في مديرية الأمن العام بموجب هذا القانون، إذ أن شرطة الأحداث منشأة بموجب قانون نص على عدة اختصاصات وهي اختصاصات مهمة للأحداث”.
وأضافت “ما أنشأ بموجب قانون، فإن إلغائه أيضًا يجب أن يتم وفق تعديل القانون نفسه”.
أما فيما يتعلق بالجانب الواقعي، رأت المومني أنه ربما للقانون بعض الإيجابيات كتقليل الإدارات والنفقات، لكنها أشارت إلى المهام الكبيرة الملقاة على عاتق كلتا الإدارتين.
وبينت “نعلم أن إدارة حماية الأسرة اختصاصتها واسعة، بموجب قانون الحماية من العنف الأسري، وهناك ضغط عمل كبير على هذه الإدارة، وبالتالي فإن إدخال إدارة شرطة الأحداث ودمجها مع إدارة حماية الأسرة، قد يُشكل ضغوطا متزايدة على “حماية الأسرة”، فضلا عن أن “شرطة الأحداث”، هي إدارة متخصصة تعنى بشؤون الأحداث، كما جاء في القانون، وبالتالي هذه التخصصية بحاجة إلى إدارة متخصصة يتم بنائها والتوسع فيها”.
وختمت المومني أن “إنشاء إدارة شرطة الأحداث كان نقلة نوعية، وشيء مهم جدا في الأردن، فيما يتعلق بالأطفال في نزاع مع القانون، ما نخشى أن يؤدي إلى عدم الوصول إلى المستوى المطلوب في التعامل مع الأحداث”.
اما الوزير السابق والخبير القانوني، الدكتور نوفان العجارمة، فله وجهة نظر مختلفة، إذ رأى بأنه لا ضير في الدمج، فالمسألة ليست في التسمية، لكنها في المهام والصلاحيات.
وقال “طالما المهام والصلاحيات باقية كما هي فلا ضير في ذلك، بل على العكس فإن من شأن الدمج الإسهام في تسريع وتجويد العمل وهذا أمر إيجابي”.
وأضاف العجارمة “على مدار الأعوام السابقة حققت كلتا الإدارتين إنجازات مهمة في حماية الأسرة وتماسكها، وأيضًا في مجال العدالة للأطفال في نزاع مع القانون”، موضحًا أن من شأن عملية الدمج في حال تم الحفاظ على المهام والصلاحيات “أن تعزز تلك الإنجازات”.
وحول تعارض الدمج مع المادة 3 من قانون الأحداث، أوضح العجارمة “أن إدارة متخصصة لا يعني بالضرورة أن يكون أسمها إدارة الأحداث، إذ أنه من الممكن أن تكون إدارة منفردة أو إدارة واسعة يوجد بها هذا الاختصاص. لا مشكلة قانونية، ولا يوجد تناقض مع القانون”.
الغد.