أنشودة المطر

يوسف غيشان

حرير- في مدينتنا قبل عقود، كان المطر احتفالا يبتهج فيه الجميع، ويتسلل نسغه في أزقة الروح لتعم الفرحة، رغم البرد والجوع والمزاريب ودخان الحطب وانقطاع الكهرباء غير المفاجئ. كان المطر يعني الخير، والخير يعني الحياة والانتصار على الفقر والجوع.

وفي ذات حارتنا، كنا نسمح أصواتا عالية تعانق السماء الممطرة، صوت من الشمال وآخر من الجنوب وثالث من الشرق ورابع من الغرب وخامس من بيتنا. كانت الأصوات موجهة إلى السماء الممطرة، وكان كل صوت يحاول بل يطلب توجيه الغيم والغيث الى المنطقة التي توجد بها ارضة المزروعة بالقمح أو القطاني، وكان كل واحد يحاول الصراخ بصوت أعلى من الآخرين لتسمعه السماء قبلهم.

أبي كان يصرخ بصوته الجهوري:

ع التيـــــــــــم وارعدي.

والتيم هو اسم منطقة حوالي مادبا كنا نمتلك أرضا زراعية صغيرة فيها، ذات قرن،

وكنا نسمح من كافة الأتجاهات :

ع الحدب..وارعدي-

ع الحنو..وامطري

ع حنينا….

عالمقطاع….

ع الحبيس….

ع الشريط….

وهكذا…. ربما نكون رضعنا حلييب المناطقيه من ذلك الزمان .

كان الجميع يصرخ بما يريد ، وكانت السماء تفعل ما تريد.

كانت الغيوم تسافر أنا شاءت، وكان خراجها يأتي إلى الخليفة رغما عنها.

 

مقالات ذات صلة