مرافعة الحكومة عن الموازنة

د. محمد المومني

حرير- قدم وزير المالية الدكتور محمد العسعس مرافعة دقيقة ومقنعة حول المالية العامة للدولة المتضمنة في مشروع قانون الموازنة المعروض أمام مجلس الأمة بحسب الاستحقاق الدستوري. العسعس الذي تحدث للجنة المالية والاقتصادية في مجلس الأعيان ونخبة من الأعيان برئاسة رئيس اللجنة العين رجائي المعشر شرح – العسعس – فرضيات الموازنة وعوامل قوة المالية العامة في الأردن وأهم التحديات التي تواجهها، مؤكدا بمنطق رصين أن الأردن استطاع أن يصمد أمام كثير من التحديات الإقليمية والاقتصادية، وأنه لولا سياساتنا المالية والنقدية الحكيمة واللاشعبوية لانزلق اقتصادنا إلى ما تشهده دول عدة في المنطقة من عدم قدرة على سداد الدين أو انهيار النظام المصرفي وانفلات معدلات التضخم. الأردن الدولة الوحيدة غير النفطية في المنطقة التي استطاعت الصمود لا بل حسنت من تصنيفها الائتماني ضمن التصنيفات العالمية المعتمدة وهذا بحد ذاته إنجاز كبير يعيه أهل الاقتصاد ورجال المال.

نسبة الدين للناتج المحلي الإجمالي بلغت 88 % وهي محسوبة ضمن المعايير العالمية لحساب الدين العام، والنمو هو الذي سيقلل من نسبة الدين لذلك فهو الهدف الإستراتيجي الأهم، وعليه فالإنفاق الرأسمالي هو الأعلى تاريخيا في هذه الموازنة حيث بلغ 1729 مليون دينار. الدعم مستمر وقد بلغ 262 مليونا لصندوق المعونة الوطنية 298 مليونا دعما للسلع الغذائية أهمها القمح والشعير و20 مليونا لصندوق الطالب الفقير بعد أن كانت 10 ملايين. الموازنة تواجه تحديات تؤرق الحكومة منها خسارة شركة الكهرباء البالغة هذا العام لوحده 500 مليون دينار والمعالجات الطبية والبالغة 200 مليون، إضافة لخسارة قطاع المياه إلا أن هذه الأخيرة ثمة خطة لمعالجتها تغيب عن معالجة خسائر شركة الكهرباء والمعالجات الطبية التي فيها كثير من الهدر. رغم ذلك، حافظ الوضع المالي على استقراره، وأوضح مثال على ذلك نسبة التضخم على السلع الغذائية حيث بلغت 1.7 % في حين انها في مصر 7 % وأعلى بكثير في تركيا وفي أميركا 9 %.

ما قيل عن المالية العامة مطمئن رغم الصعوبات الاقتصادية الكبيرة من فقر وبطالة، ولكن ظني أن أهم ما يجب أن يستوقف الأردني هو الزيادة بنسبة 4.8 % في مخصصات الجيش والأجهزة الأمنية وهي تخوض تحديات هائلة رتبت عليها كلف مالية باهظة، وهذا أقل ما أن نقدمه لجيشنا وأجهزتنا وهي تخوض معارك الأردن. الزيادة قليلة ولكنها تدل على ادراك الموازنة حجم الضغوط الهائلة التي يتعامل معه الجيش والأجهزة الامنية. يستوقفنا ثانيا ضرورة ان يعي معشر الاقتصاديين خاصة في القطاع الخاص ان فلسفة تخفيض الضرائب والتوسع في الإنفاق الذي يدعو إليه البعض خاطئة، بدليل ما حدث في دول مجاورة انهارت اقتصاداتها لانها ركضت خلف النمو السريع الزائف غير المستدام، والحق ان الاستقرار المالي والنقدي هو الذي يحقق النمو المضطرد المستدام. كان بعض اقتصاديينا يطالبوننا أن ننظر لتجربة لبنان وغيرها ونقلدها، وثبت بوجه الحق أن سياساتنا الأكثر حكمة وحصافة.

سياساتنا المالية والنقدية قوية وحصيفة وعابرة للحكومات، وهي بتقديري قصة نجاح تأتي ثانيا بعد قصة نجاح سياساتنا الأمنية والعسكرية، ويجب علينا أن نكثف الحديث عن ذلك ليعلمه كل أردني.

مقالات ذات صلة