ماذا بعد الضريبة والإضراب ؟! … راكان السعايدة
يثبت منطق الأشياء وتداعيها أن الشارع تجاوز، ومن يومين، الحكومة ومجلس الأمة، الاعيان والنواب، وتجاوز النقابات والأحزاب، وتجاوز مسألة قانون الضريبة ونظام الخدمة المدنية.
وإذا استمر هذا التداعي الخطير المتسارع دون معالجة صحيحة مقنعة وفورية سريعة، فإن الشارع سيجد نفسه أمام الذهاب بالتصعيد لاخر مدى لإدراكه ان العودة دون تحقيق أهدافه كلها أو بعضها سيكون أكثر كلفة عليه، سياسيا واقتصاديا وحتما اجتماعيا.
اليوم الشارع فقد ثقته بالمؤسسات، رسمية وأهلية، وبنهجها وأدواتها، وبمنتجها، وهو يشعر أن هذه المؤسسات انفصلت عنه، وما عادت تدرك واقعه وظروفه بالغة الصعوبة وحولته إلى مجرد رقم ضريبي.
وما نراه، هو تراكم من اليأس والإحباط وانسداد الأفق، نتيجة استشراء الفقر والبطالة، وما نراه لم يتأخر بل انتظر لحظة فارقة ليعبر عن نفسه، ومن كان يعتقد أن الشارع استكان، ولم يعد يملك القدرة على التعبير الاحتجاجي خانه الاعتقاد، ولم يقرأ الواقع، واقع الناس وما يعتمل في صدورهم.
هذه الحالة لا تعالج أمنيا، تعالج اقتصاديا وسياسيا، تعالج بتغييرات جذرية وعميقة تستجيب لوعي الناس وحاجاتهم وآمالهم وطموحاتهم، من دون انكار او تجاهل او استخفاف.
لدينا بعض الوقت للاستدراك والدخول في معالجات، لكن هذا الوقت يضيق مع مرور كل يوم وليلة، والمسألة ليست مكاسرة بل حقوق استدعتها أوجاع.
نعم، البلد في أزمة اقتصادية ومحاصر لأسباب سياسية، لكن الناس في أزمة أشد وأكثر قسوة، والناس أهم، والدولة الرسمية ملزمة بالبحث عن حلول بعيدة عنهم ولصالحهم.
قاعدة الدولة الاجتماعية والبلد فوق أي اعتبار وفوق كل المسؤولين.
راكان السعايدة
نقيب الصحفيين الاردنيين