وفاة الإعلامي سامي حداد.. فصل خفي في حياته


حرير –  توفي اليوم  مذيع الجزيرة سامي حداد ( 1939 – 19 يناير 2021)

.
حداد هو أحد أقدم مذيعي قناة الجزيرة ،
وهو  مقيم في لندن، وقدم منها، منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2009، برنامج “أكثر من رأي” عبر شاشة الجزيرة، حيث استضاف ضيوفاً مختلفين في الآراء والتوجهات.

الفقيد كما يذكر سعادة الأستاذ نبيل غيشان من مواليد السلط ١٩٣٩ عمل مذيعا في الاذاعة الاردنية منذ عام ١٩٦١ وانتقل للتلفزيون عند افتتاحه ١٩٦٨ الى ان غادر الى لندن عام ١٩٧٤ ملتحقا بهيئة الاذاعة البريطانية. رحمة الله عليه.

وفي مقال للكاتب معن البياري يكشف فصلا عن علاقة عاطفية بين حداد والكاتبة الفلسطينية فدوى طوقان حيث يقول البياري:

سامي حدّاد (80 عاماً) في العنوان أعلاه، هو الإعلامي الأردني الذي عرفه الجمهور العربي سنواتٍ على شاشة “الجزيرة”، وقبل ذلك في “بي بي سي” مذيعاً ومقدّم برامج متنوّعة، عقب عمله في الإذاعة الأردنية التي التحق بها في العام 1961، وكان شاعراً وله ديوان منشور. قال، قبل سنواتٍ، إنه يعكفُ على كتابة مذكّراته التي سيضيء فيها على سيرته المهنية، وعلى خفايا مقابلاتٍ أجراها مع ملوكٍ ورؤساء ومشاهير. لم تصدُر المذكّرات بعد، وربما لم تكتمل كتابتُها. وإنما أشهر سامي حدّاد، في كتابٍ من نوعٍ خاص، مقطعاً (قصيراً؟) من سيرتِه، اشتمل على مفاجأةٍ مثيرةٍ. ليس الكتاب له، ولا هو الذي أعدّه، ولا قدّم له. وإنما يخصّه فقط، إنه رسائل من الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان (1917 – 2003) إليه. صدر بعنوان “فدوى طوقان .. رسائل حُبّ إلى سامي حدّاد” (دار أزمنة، عمّان، 2020). اكتفى صاحبُنا بأن وفّر الرسائل لشقيقٍ له، ثم راجعها وقدّم لها في الكتاب الناقد المغربي، عبد اللطيف الوراري، الذي يُخبر، في واحدٍ من هوامش تقديمه الحَسن للرسائل، أن سامي تردّد بدايةً في أن يفتح صندوق الرسائل الذي مضى عليه وقتٌ طويل.
هي 24 رسالة، قصيرة، وبعضها قصيرٌ جداً، بعثتها الشاعرة إلى زميلنا الإعلامي العتيق في السنوات، 1975 و1976 و1977. اعتبرها الوراري رسائل حبّ، وله ذلك، لأن في سطورٍ غير قليلةٍ ما يشفّ عن حبّ، صريحٍ أحياناً، غير أن الأوضح منه هو الصداقة المحبّة، أو المنزلة الأعلى من الصداقة، المنزلة الأدنى من الحبّ الذي لا تلقى فيه تعبيراتٍ عن هيامٍ ووجدٍ والتياع. هناك مقاديرُ من حبّ خاص، وصافٍ، تعرفُه، أنت قارئ رسائل فدوى طوقان، من حديثِها عن انتظاراتها في المساءات، وكل يوم، الصباحاتِ لتسمع صوت سامي حدّاد في الإذاعة. ولا أظنّ أن الشاعرة الشهيرة كانت تُجري رقابةً على مفرداتها، بشأن مشاعرها، عندما تُخاطب سامي، في الرسائل، بالعزيز الصديق، سامي الغالي، العزيز سامي، الصديق العزيز سامي، العزيز الأثير سامي، سامي، سامي العزيز، عزيزي سامي. كانت تختار عباراتها من المساحات التي يقيم فيها سامي حدّاد في جوانحها. إنها تبدأ واحدةً من الرسائل: “سامي.. أشتاق إليك”، ثم تذهب إلى الحديث عن الأدب والفن والشعر والسياسة. ليس في الرسالة أيّ إتيانٍ على لوعة عاشقةٍ تجاه معشوقها، ولا عن تباريح حبّ وهوى، ولكن الرسالة تختتمها كاتبتُها: “مرّة أخرى، أشتاق إليك.. أشتاق كثيراً”. تكتب إلى سامي، في اليوم الأول من عام 1976، رسالةً تبدأ: “سامي العزيز.. أنظر، إنك أول كلمةٍ أكتبها، وأول إنسانٍ أتحدّث إليه في صباح هذا اليوم الجديد، فكل عامٍ وقلبك مليءٌ بالمسرّة والحب والتفاؤل والأمل”.
لا تتوفر رسائل سامي إلى فدوى طوقان التي تكتب إليه مرّة “يعذّبني شوقك إلي..”. وتؤشّر في موضعٍ آخر من الرسالة نفسِها إلى ما في قولٍ له، في رسالةٍ منه، من “إيحاءاتٍ عاطفية”. وتكتب إليه أيضاً في فقرة تالية: “.. أما عن المراسلة والمعاملة بالمثل، فأرجو أن تثق بأن قلب صديقتك المحبّة يلغي دائماً في معاملاته مع أحبابه كل القواعد الحسابية. إن الذين يحبّون، يا سامي العزيز، لا يقدّمون إلى أحبابهم فواتير الحساب”. تُخبره، في رسالةٍ سابقة، أنه لا همّ لها، في هذه الأيام، إلا أن تعرف أنه بخير. وفي رسالةٍ أسبق: “اكتب لي قبل أن تذهب هذا المساء إلى النوم، هذا رجاء”. وتشير، في أخرى، إلى أشواقِه (كما كتب إليها)، وتكتب: “الشكر لك على ذكرك إياي في الربيعين المنتشرين حولك. أما أنا فحيثما كنتُ هبطَ ظلّك، وأغرقني في ربيع دائم”.
بدا في الرسالة الأخيرة أن فراقا سيحدُث بين الاثنين، وتكتب فدوى طوقان إلى سامي حدّاد إنها لم تؤمن يوماً بأبدية العلاقات البشرية، فكل ما له بداية له نهاية. لا تُخبرنا الرسالة بسبب هذا الحال، وليس مهمّاً أن نعرفه، نحن قرّاء الكتاب الشائق، والأصل أنْ لا ينكتب وأنْ لا نعرفه. الأهم، أساساً، في قراءة هذه الرسائل معرفة فدوى طوقان أكثر. تحكي في رسائلها عن قصائد لها كيف كتبتْها. تحكي عن شعورِها بالوحدة والوحشة. هذه إضاءاتٌ طيبةٌ في درس فدوى طوقان، شعرِها وسيرتِها. وقد أصاب عبد اللطيف الوراري في أن من أسباب قيمة هذه الرسائل أنها تضمّنت جوانبَ مهمّةً من سيرة حياة فدوى طوقان وشعرِها ومواقفها من الأشياء والوجود. وأصاب أيضاً لمّا كتب إنه ليس في أيٍّ من الرسائل في الكتاب ما يشين إلى صورة فدوى، وإنما فيها ما يقوّي اعتزازنا بها

ودخل حداد الإعلام عام 1974 عبر القسم العربي في إذاعة “بي بي سي”، ومنذ العام 1978 شغل مسؤولية رئيس قسم البرامج الإخبارية السياسية.

وانتقل عام 1994 إلى قناة “بي بي سي” الفضائية رئيساً للقسم العربي، ومقدماً لبرنامج “ما وراء الخبر”، قبل إغلاق القناة.

بعدها انتقل إلى قناة الجزيرة سنة 1995، قبل أن يغادر إلى لندن ويقدم برنامج “أكثر من رأي” من هناك مدة خمسة عشر عاماً قبل أن يتوقف البرنامج عام 2009.

وقد نعاه زملاءه الإعلاميين  عبر مواقع التواصل الاجتماعي معبرين عن حزنهم ومودعين إياه.

 

مقالات ذات صلة