يوم التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني وقرار التقسيم ( 181)

نبيل السهلي

 الوقت الذي تشتد فيه عذابات الشعب الفلسطيني نتيجة احتلال أرضه وطرد النسبة الكبرى منه؛ تحتفل الأمم المتحدة باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في التاسع والعشرين تشرين الثاني/نوفمبر الجاري؛ وقد اختير اليوم المذكور، نظراً لما ينطوي عليه من معانٍ ودلالات بالنسبة للشعب الفلسطيني. ففي ذلك اليوم من عام 1947، اتخذت الجمعية العامة القرار 181 الذي أصبح يعرف باسم قرار التقسيم.

تداعيات القرار

نص قرار التقسيم على أن تُنشأ في فلسطين دولة يهودية ودولة عربية، مع اعتبار مدينة القدس كيانا يخضع لنظام دولي خاص. ومن بين الدولتين المقرر إنشاؤهما بموجب القرار، أنشئت إسرائيل على 78 في المائة من مساحة فلسطين التاريخية بدعم غربي وخاصة بريطاني ، وتمّ طرد (850) ألف فلسطيني من مدنهم وقراهم . وفي يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، ثمة أسئلة تطرح في هذا اليوم، في مقدمتها، ما هي الحقوق التي نالها الشعب الفلسطيني بعد مرور أكثر من اثنين وسبعين عاماً على نكبة الفلسطينيين الكبرى، وماذا عن القرارات الدولية حول قضية اللاجئين الفلسطينيين .
ومن أهم تلك القرارات ذات الصلة بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة، القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في الحادي عشر من كانون أول عام 1948، وكذلك القرار 302 الصادر في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر 1950، والقرار 512 الصادر في السادس والعشرين من كانون الثاني/ يناير 1952، إضافة إلى قرارات أخرى قريبة في بنودها لجهة تحقيق فرصة لعودة اللاجئين إلى ديارهم بأقرب وقت ممكن وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم نتيجة الطرد القسري والاقتلاع من أرضهم .
ونتيجة الانحياز الغربي لإسرائيل وعدم تنفيذ القرارات الدولية بشأن فلسطين ، فضلاً عن اعتبار قضية اللاجئين إنسانية فقط ؛أنشئت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين في الشرق الأدنى عام 1949 وباشرت عملياتها في أيار/ مايو 1950 مع أنها اعتبرت وكالة مؤقتة فقد تم تجديد ولايتها بانتظام كل ثلاث سنوات، واعتمدت «الأونروا» في عملها بين اللاجئين الفلسطينيين على أرضية تعريف صاغته للاجئ الفلسطيني، أي تعريف إجرائي وليس سياسياً يهدف إلى توفير معيار ومقياس لتقديم مساعدات الوكالة على النحو التالي: اللاجئ الفلسطيني كل شخص كان مسكنه العادي في فلسطين لعامين سبقا نزاع 1948، والذي كان من نتائجه أن خسر منزله ووسائل عيشه ولجأ في عام 1948 إلى واحد من البلدان التي تقدم الأونروا فيها خدماتها، وينسحب هذا التعريف على أولاده وأحفاده وذرياتهم وأن يكون مسجلاً في مناطق عملياتها وهي خمس مناطق: الضفة الغربية، قطاع غزة، سوريا، لبنان، الأردن.
في مقابل ذلك أصدرت السلطات الإسرائيلية حزمة من التشريعات العنصرية لزعزعة الكيان الشرعي الفلسطيني، وهذه القوانين حسب تسلسلها الزمني هي: قانون أملاك الغائبين المتروكة لعام 1950، وقد نص على وضع أملاك العرب تحت الحراسة، ويحق للحارس، أو القيّم على هذه الأملاك بيعها لقاء ثمن تحدده السلطات الرسمية، إضافة إلى قانون استملاك الأراضي وصدر عام 1952 وهو يخوّل لسلطة الاحتلال، الاستيلاء على الأراضي العربية بحجة استخدامها في أغراض التعمير والتنمية والاقتصاد أو لأسباب تتعلق بأمن البلاد العام، وكذلك قانون التصرّف، الذي صدر عام 1953 ويشترط على صاحب الملك، أن يتصرف في أملاكه تصرفاً فعلياً بشخصه هو مباشرة، ويمنح هذا القانون وزير مالية إسرائيل صلاحية إصدار قرار قاطع بأمر الاستيلاء على الأملاك المعنية وتسجيلها ملكاً للدولة باسم (هيئة التعمير والتنمية) فضلاً عن قانون تقادم العهد أو مرور الزمن، وقد صدر عام 1957 فالمالك لأرضه لا يحق له الاحتفاظ بها متى قدّم إثباتات تؤكد تصرفاً لطيلة 25 عاماً، وبذلك تسقط حقوق المالكين العرب تحت ستار مرور الزمن.

نزعة الفكر الاجتماعي الصهيوني

الملاحظ أن كل القرارات المذكورة والتي صدرت عن إسرائيل طوال سنوات الاحتلال، قد عبّرت عن نزعة الفكر الاجتماعي الصهيوني لإضفاء الصبغة الشرعية على الاحتلال الذي سيطر على الأرض الفلسطينية بفعل القوة وارتكاب المجازر لترسيخ فكرة يهودية الدولة . وذهبت القوانين الإسرائيلية إلى أبعد من ذلك، حين اعتبرت أصحاب الأملاك من العرب الذين أجبروا على الابتعاد عنها من الغائبين حتى لو سكنوا في مناطق أخرى من الجزء المحتل عام 1948.
ولم تتوقف إسرائيل عند هذا الحد، بل اصدرت قوانين عديدة خلال الفترة الممتدة بين الأعوام (2000-2020 ) لمصادرة مزيد من أراضي الفلسطينيين في داخل الخط الأخضر. واللافت أن حكومة نتنياهو هي أكثر حكومة في تاريخ إسرائيل قامت بإحياء قوانين عنصرية وإصدار قوانين أخرى؛ وكان من أخطرها قانون القومية وقانون المواطنة والولاء.
في مقابل القوانين الإسرائيلية لتهويد الزمان والمكان الفلسطينيين ، نصّ القرار 194، الصادر عن الجمعية العامة للأمم في يوم 11-12-1948، على عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى المناطق التي طردوا منها في عام 1948؛ وفي العام التالي أضيفت إلى قرار حق العودة فقرة خاصة بدفع تعويضات اللاجئين، وكان من المفروض أن يرغم مجلس الأمن الدولي إسرائيل على تطبيق القرارات الدولية، غير أن اللاجئين ما زالوا ينتظرون في مخيماتهم تنفيذ تلك القرارات ليعودوا إلى ديارهم التي طردوا منها.
واستناداً إلى تقارير مبعوث مجلس الأمن الدولي خلال الفترة (1948-1949) رالف بانش، وتقارير تحقيقات مندوبي هيئة الأمم المتحدة للفترة الممتدة بين (1948-1950) وتقارير الصليب الأحمر الدولي للأعوام (1948-1950) وتقرير الأونروا خلال الفترة (1950-1958) فإن الأشخاص والأملاك المشمولة في فقرة التعويضات، هم ممن ينتمون إلى المناطق التي احتلتها إسرائيل خارج قرار التقسيم، وهو القرار الصادر في 1947 تحت رقم 181 ، ويعطي لليهود وللدولة الإسرائيلية 54 في المائة من مساحة فلسطين التاريخية، بينما استولت إسرائيل إضافة على ذلك على 23 في المائة من الأراضي المخصصة للدولة الفلسطينية.
في اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني لابد من التأكيد على أهمية وضرورة تطبيق وتنفيذ كافة القرارات الدولية بشأن فلسطين وهذا أضعف الإيمان .

كاتب فلسطيني مقيم في هولندا

مقالات ذات صلة