انحسار المعارك في الخرطوم والجيش والدعم السريع يتبادلان الاتهام بخرق الهدنة

حرير- توقفت أصوات الانفجارات في أحياء عدة من العاصمة السودانية الخرطوم مساء أمس الجمعة، بعد سريان هدنة خلال عيد الفطر مدتها 3 أيام بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وذلك بعد أسبوع من القتال بين الطرفين في العاصمة ومناطق أخرى، كما تبادل الطرفان الاتهام بخرق الهدنة.

وقال مراسل الجزيرة في السودان إن هدوءا حذرا يسود الخرطوم بعد توقف أصوات الرصاص والمدافع بمحيط قيادة الجيش والقصر الرئاسي، وهي المناطق ذاتها التي كانت تشهد اشتباكات مستمرة على مدة ستة أيام، وسط دعوات محلية ودولية إلى الالتزام بهدنة للتخفيف على السودانيين، وإتاحة خروج الأجانب.

وخلفت الاشتباكات بين طرفي الصراع 413 قتيلا و3 آلاف و551 جريحا، حسب منظمة الصحة العالمية.

ولم يطل إعلان الجيش عن الموافقة على هدنة تستمر 3 أيام، حتى اتهم الناطق باسمه قوات الدعم السريع بشن ما وصفه بهجوم عشوائي على القيادة العامة والقصر الرئاسي، غير أن موسى خدام مستشار قائد قوات الدعم السريع نفى -في مقابلة مع الجزيرة- وقوع أي هجوم عشوائي على القيادة العسكرية والقصر الرئاسي.

ومنذ دخولها حيز التنفيذ صباح أمس الجمعة، تبادل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الاتهامات بخرق الهدنة.

وقال المستشار القانوني لقوات الدعم السريع إنه سيتم احترام الهدنة إلا في حالات الدفاع عن النفس، حسب تعبيره.

في حين، قال الناطق الرسمي باسم الجيش إن “العناصر المتمردة هاجمت مقرا لقوات الدفاع الجوي واحتلت مراكز الشرطة”، وأضاف أن العناصر المتمردة تتمركز داخل المناطق المأهولة والمزدحمة بالسكان المدنيين في وسط وجنوب الخرطوم.

وكان الناطق باسم الجيش السوداني قد قال ان قوات الدعم السريع اقتحمت سجن الهدى غربي أم درمان، وأخلته من النزلاء، في حين نفى إعلام قوات الدعم السريع صحة ذلك.

وتأتي الاتهامات المتبادلة وسط تضارب في الأنباء بشأن السيطرة على بعض المواقع؛ إذ قال الجيش إن وسط العاصمة بأكمله تحت سيطرته، وأما قوات الدعم السريع فتقول إنها تحافظ على مواقعها.

المنطقة الجنوبية

وفي الساعات القليلة الماضية، تركزت الاشتباكات في المنطقة الجنوبية من العاصمة الخرطوم، وتحديدا أحياء الصحافات وجبرة والمدينة الرياضية التي تحتوي على معسكر للدعم السريع.

ويقول الجيش إنه ينفذ عمليات تمشيط من أجل ما وصفه بطرد الدعم السريع من المناطق الواقعة بين نهري النيل الأزرق والأبيض، التي تمتد نحو 10 كيلومترات.

كما تتركز العمليات في شارع الستين الذي يربط بين المنطقة الجنوبية للخرطوم ووسط العاصمة.

وفي منطقة المسعودية بين ولايتي الخرطوم والجزيرة، اندلعت مواجهات بين الدعم السريع والجيش، لا سيما في مصانع شركة “جياد”، حيث أفاد مصدر في الشركة للجزيرة بأن الجيش يطارد الدعم السريع بعد محاولة فاشلة لاقتحام المصانع.

وتتقطع الاشتباكات في وسط الخرطوم وتحديدا في محيط المطار والقصر الجمهوري ومحيط القيادة العامة للقوات المسلحة.

الوضع الإنساني

وقالت نقابة أطباء السودان إن مستشفيات جديدة تضرّرت بشدّة في الخرطوم، وأصيبت 4 مستشفيات في مدينة الأبيض (350 كيلومترا جنوب الخرطوم).

وأعربت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ميريانا سبولجاريتش عن قلقها البالغ من مستوى معاناة المدنيين في الخرطوم وأجزاء أخرى من البلاد، حيث تشتت العائلات ونفاد الطعام والماء لدى الناس بعد أن حوصروا في منازلهم، ودعت الأطرافَ المتحاربة إلى بذل كل ما في وسعها لإبعاد المدنيين عن الخطر.

وقالت سبولجاريتش إن اللجنة الدولية للصليب الأحمر لم تتمكن من إيصال المساعدات إلى محتاجيها، لأن الأطراف لم تقدم لها الضمانات الأمنية اللازمة.

وناشدت سبولجاريتش الأطراف السماح للجنة الدولية للصليب الأحمر بإيصال المساعدات الإنسانية على الفور ومن دون عوائق لمساعدة المدنيين السودانيين المحتاجين، وأكدت أن ذلك ليس اختياريًا، بل هو التزام قانوني بموجب القانون الدولي الإنساني.

وأعلنت المنظمة الدولية للهجرة مقتل موظف رابع لها في السودان. وقال المتحدث باسم المنظمة بول ديلون للجزيرة إن الموظف الذي يحمل الجنسية السودانية لقي حتفه عندما كان يحاول نقل أسرته إلى مكان آمن، حيث علقت السيارة التي كانت تقلهم وسط تبادل لإطلاق النار في مدينة الأبيض.

مواقف دولية

ورحبت الآلية الثلاثية المسهلة للحوار في السودان بإعلان الجيش وقوات الدعم السريع وقف إطلاق النار لاستعادة الهدوء خلال عيد الفطر.

وقالت الآلية إن اتفاق وقف إطلاق النار سيسمح للمدنيين بالحصول على المساعدات الضرورية مثل الغذاء والماء والرعاية الطبية.

وشددت الآلية الثلاثية على أهمية التوصل إلى وقف طويل الأمد للأعمال العدائية، من أجل جميع السودانيين ومستقبلهم.

في حين قالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد إن الوضع في السودان في تدهور مستمر كل دقيقة، وإنه لا يوجد وقت نضيعه. وأضافت غرينفيلد -في تغريدة- أن على مجلس الأمن التحرك فورا وبصورة عاجلة دعما للجهود الإقليمية للمساعدة في تسهيل وقف إطلاق النار.

وبحث وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان مع نظيره البريطاني جيمس كليفرلي الوضع في السودان، وقالت الخارجية السعودية في تغريدة إن وزيري خارجية البلدين أكدا أهمية وقف الأعمال العسكرية من قبل الأطراف المتصارعة في السودان.

وذكر مصدر دبلوماسي للجزيرة أن بريطانيا تدعو إلى عقد جلسة طارئة ومفتوحة لمجلس الأمن بشأن السودان في أقرب وقت ممكن بعد عطلة عيد الفطر لمناقشة التطورات في السودان.

مقالات ذات صلة