جماعة عمان… نحو رقابة شعبية فاعلة

بلال حسن التل

تبدأ جماعة عمان لحوارات المستقبل اليوم عامها العاشر، حيث امضينا في الجماعة تسع سنوات في محاولة لبناء عمل جماعي هدفه خدمة الاردن، ليس من خلال الاكتفاء بتوصيف الواقع والتأشير على مواطن الخلل في حياتنا العامة ومسيرتنا الوطنية، والاكتفاء بلوم الآخرين على صناعة هذا الواقع، ثم التهرب من مسؤولية مواجهة ذلك كله، كما تفعل الاغلبية الساحقة في بلدنا، بما في ذلك المسؤولين الذين يفترض بهم اجتراح حلول لمشاكلنا، ومعالحة مواطن الخلل في مسيرتنا الوطنية.

لقد اوصلتنا هذه الحقيقة الصادمة، الى ان ندرك من خلال عملنا في جماعة عمان لحورات المستقبل ان لدينا مسؤولين لا يريدون العمل، وانهم يضيقون ذرعا بمن يذكرهم بان من واجبهم ان يعملوا، ويتهربون منه، لأن المنصب العام في بلدنا صار عند الكثيرين مجرد تشريف لا تكليف، وانه غنيمة يريدونها من خلال غير ذات الشوكة. لذلك صارت ابواب هؤلاء المسؤولين تغلق على غير الشلة، وعلى غير أصحاب المصالح الا من رحم ربي.

لقد وصلنا إلى هذه الحقيقة الصادمة، من خلال انجاز الجماعة لاكثر من مئة برنامج عمل وخطة إصلاح، ومبادرة تطوير، في مختلف المجالات، وقد اعد ذلك كله خبراء وأهل اختصاص وأصحاب تجربة ودرجات علمية عليا من خريجي جامعات مرموقة، هم اعضاء الجماعة، وقد قدمنا ذلك كله للمسؤولين كل في مجاله، وسمعنا ثناء طيبا واقتناعا واضحا بما قدمنا، وحماسا نظريا للتنفبذ، لكن شيئا لم يتم على أرض الواقع، وفي الحالات التي كان فيها مسؤول يباشر بتنفيذ ما قدمته جماعة عمان لحوارات المستقبل له، كان خلفه لايكمل مسيرته، لان من عيوب الإدارة العامة في بلدنا غياب المؤسسية لحساب الشخصنة، مما افقد مؤسساتنا العامة التراكمية، ووضعها في حالة دوران في حلقة مفرغة.

حالة عدم الرغبة بالعمل، ومن ثم الدوران في العمل ليست مختصرة، على قطاع دون اخر في ادارتنا العامة، فقد قدمنا برامج وخطط عمل لاقت استحسانا وعودا بالعمل في مختلف المجالات ، ففي مجال التعليم قدمنا مجموعة مبادرات لتطوير التعليم منها: مبادرة تعزيز دور ومكانة المعلم الأردني وفق افضل الممارسات العالمية لاختيار المعلمين وإعدادهم وتدريبهم. و مبادرة المدرسة الإنتاجية الريادية . ومبادرة البيئة المدرسية .ومبادرة تغيير اتجاهات الطلبة وذويهم نحو التعليم المهني والتقني ، وغيرها.

وفي مجال الاقتصاد قدمنا عدة مشاريع للمساهمة في نهوض اقتصادنا الوطني منها: ورقة حال الاقتصاد الاردني، وورقة
لحماية المواطنين من تغول شركات الخدمات، ومبادرة
نظرة إلى ميسرة للمساهمة في حل مشكلة المديونيين الاردنيين، وكذلك قدمنا مشروع رؤية مستقبلية لتطوير واقع قطاع النقل وغير ذلك من خطط العمل.

وفي المجال الصحي قدمنا مجموعة من المبادرات التي من شأنها تطوير قطاع الصحة في بلدنا منها: ورقة حال القطاع الصحي و خطة عمل لتفعيل المراكز الصحية الحكومية، ومبادرة النهوض بالقطاع الصحي في مواجهة ازمة كورونا، وورقةالهدر في القطاع الصحي الأردني ، وورقة التعليم الطبي في الأردن وغيرها.

امافي مجال بناء الروح المعنوية والثقة الوطنية فقد قدمت الجماعة حزمة من البرامج وخطط العمل منها:خطة وطنية لحماية الأردن من الجيل الرابع للحروب ” الحرب الالكترونية، و وثيقة رأي ورؤيا عن أسباب تذمر الأردنيين من أوضاعهم ، وورقة حال حول الروح المعنوية في الأردن، ومبادرة الانجاز في مواجهة الاحباط،و خطة عمل لبناء الثقة والتعبئة الوطنية ، كما انحزت برامج لتعديل المزاج الشعبي العام في الاردن ، ومشروع تمتين الجبهة الداخلية ،  وأخرى لبناء الرأي العام الوطني وترشيده،كما اطلقنا مبادرة وطنية لحماية المجتمع من آفة المخدرات وغيرها .

هذا غيض من فيض المبادرات والبرامج التي انجزتها وقدمتها جماعة عمان لحوارات المستقبل، والتي اكدت القناعة بأن هناك عدم رغبة بالعمل لتغير الواقع عند الكثيرين، لأسباب عديدة ذكرنا بعضها ، غير ان من اهمها غياب مبدء الرقابة بعد ان تحول مفهوم العمل النيابي في بلدنا إلى مفهوم خدمي، بدلا من دوره الدستوري في الرقابة، بالإضافة إلى غياب الرقابة الشعبية الفاعلة والمنظمة، وهو ماستسعى جماعة عمان لحوارات المستقبل الى القيام به في المرحلة القادمة من مراحل عملها أن شاء الله.

مقالات ذات صلة