
تسونامي الاعترافات الدولية بفلسطين
خالد دلال
حرير- يبدو أن مرحلة جديدة بدأت تتبلور في تاريخ القضية الفلسطينية وحقوق شعبها في التحرر والاستقلال من زاوية قوة التأثير عالميا بفعل التعاطف الدولي المتنامي معها، مع تزايد أعداد دول العالم التي تتأهب للاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، قبل وخلال أسبوع انعقاد أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر المقبل، وفي مقدمتها فرنسا والمملكة المتحدة وكندا وغيرها من دول العالم الفاعلة على الساحة الدولية. وهذا يؤشر على إحداث الفارق بعد ما يقرب من عامين على حرب الإبادة الإسرائيلية الدموية المسعورة ضد غزة وأهلها الصابرين المرابطين.
ما يحدث أكبر بكثير من مجرد حديث دبلوماسي عن حل الدولتين للاستهلاك الإعلامي، بل هو قناعة وإقرار دولي متزايد، بفعل ضغوط شعوب العالم على حكوماتها بعد ما شاهدته بأم أعينهم من قتل وتجويع وتشريد ممنهج يمارس ضد البشر والحجر والشجر في غزة من قبل الصهيونية النازية العالمية، بقيادة مجرمي تل أبيب، وفي مقدمتهم سفاح العصر، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وزمرته الفاسدة المفسدة، من وزير ماليته العنصري، تسلئيل سموتريتش، إلى وزير أمنه القومي الفاشي، إيتمار بن غفير، وغيرهم من قتلة أطفال غزة الأبرياء بدم بارد.
أهمية هذه الاعترافات أنها تؤسس لحقائق على الأرض يستحيل معها أن تنجح إسرائيل وأدواتها الإعلامية من دفن الحق الفلسطيني في الحرية، بل ما يحدث هو بداية إنهيار الماكينة الدعائية الإسرائيلية، التي عاشت وترعرعت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، والتي قامت على التباكي بأن الشعب اليهودي هو ضحية هولوكوست النازية، لتتبدل الأدوار ويصبح الشعب الفلسطيني، في عيون العالم، ضحية الهولوكوست الصهيوني.
ورغم أن البعض قد يقلل من أهمية ما تقدم، إلا أن ما يحدث من توثيق للجرائم في عقول وقلوب البشر في أرجاء العالم سيترجم إلى نقمة متزايدة ضد إسرائيل وعزلة لها في العالم الديمقراطي. ولن تنجح مليارات اليهود ولا سيطرتهم على وسائل الإعلام من تغيير ذلك بسهولة، وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء.
نحن أمام ثورة عالمية ضد الصهيونية تعري حقيقتها الدموية وانعدام الضمير والإنسانية لديها أمام عيون البشر، الذين ضاقوا ذرعا بما تجسده الدولة الصهيونية من فساد وإفساد في الأرض لم يسبق له مثيل في التاريخ الحديث.
إسرائيل تواجه موجة لا سابق لها من الغضب العالمي، وقد بدأت تخسر المعركة الإعلامية والأخلاقية لدى الكثير من عواصم صنع القرار العالمي، ومنها باريس ولندن تحديدا، وهذا يشكل فرصة على العرب استثمارها عبر تعزيز العمل الدبلوماسي لإقناع مزيد من الدول للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
أما ما بعد ذلك، فلا بد من جهد عالمي مماثل لتفعيل المحاكم الدولية لمحاسبة مجرمي تل أبيب على ما اقترفته أيديهم من جرائم حرب ضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني في غزة.
التحولات السياسية الدولية في مصلحة القضية الفلسطينية، وقد بدأت كرة الثلج تتدحرج، ومنسوب الغضب العالمي ضد إسرائيل في تزايد، وعلينا ألا نخسر المعركة. فما ضاع حق وراءه مطالب، ولن يضيع الحق الفلسطيني مهما أمعنت آلة القتل الإسرائيلية المجرمة في حقدها وجبروتها. “وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ”.



