مخالفات مهنيّة في أداء عدد من مذيعي الشاشات الأردنيّة

حرير – نشر مرصد مصداقية الاعلام الاردني “اكيد” مادة صحفية اشار فيها الى بعض الممارسات الزملاء الاعلاميين خلال تغطيتهم او ادارتهم لحوارات تلفزيونية متعلقة بوباء كورونا، وتاليا نص المادة:

  يُشكّل مذيعو القنوات التلفزيونية المحليّة اللبنة الأولى في بناء الثقة بين المتلقّي والوسيلة الإعلامية، أو هَدْمها؛ نتيجة أخطاءٍ متكررة من رسائل سلبية غير مهنية قد يتلقاها الجمهور.

وتتمثّل الأخطاء المتكرّرة التي يرتكبها المذيع بعدم كفاءته أو إدراكه لطبيعة مهنته، وعدم الدّقة في عرض المعلومة، وتحويل برنامجه إلى منبر للتعبير عن وجهة نظره في قضيّة ما، متناسياً واحدة من أبرز المحاذير الإعلامية لأي مذيع؛ وهي أن يتجنَّب إقحام نفسه كطرف في قضيَّةٍ، وأن يأخذ مسافة واحدة من جميع أطرافه.

تقول الأستاذة بيان التل، مستشارة ومديرة برنامج التربية الاعلامية في معهد الإعلام الأردني، إنّ مهمّة الصحفيّ الأساسيّة هي نقل المعلومة بأمانة ودقة، بهدف نشر المعرفة، والتأكُّد من دقة المعلومة، خصوصاً في ظل انتشار الإشاعات، مضيفةً بأنّ الرقابة على أداء المسؤولين والمؤسّسات، هي أيضاً من وظائف الصحفي، بعيداً عن إطلاق الأحكام المسبقة أو الاتّهامات.

مؤخراً، وفي تغطية القنوات المحليّة لأزمة “كورونا” الحاليّة، رصد “أكيد” مجموعة من المخالفات المهنية والأخلاقيّة لعدد من المذيعين، تخالف وظيفتهم في تقديم المحتوى التلفزيوني، ونذكر منها:

شاركت مذيعة أردنية، عبر برنامجها في إحدى القنوات المحلية، “مقالاً” يتحدّث عن ظروف العزل الصحيّ للفلسطينيين، وبالتحديد في معبر رفح جنوب قطاع غزة، إذ وصفت “المحجورين” بلفظة “المزروبين”.

وعاد “أكيد” إلى معجم المعاني للتأكد من مجالات استخدام اللفظة، لمعرفة إن صحَّ توظيف الوصف أم لا، ليتبيّن أن الفعل “زَرَب” وصيغة المفعول منه “مَزْروب”، يُستخدم لوصْف الماشية، أي “قادها وحبسها في زريبةٍ”، و”الزَّرب” حظيرة الأغنام، ما يعني أنّ المذيعة ارتكبت مخالفة مهنية وأخلاقية في وصف “المحجورين”؛ تمثّلت بذمّ وتحقير وإهانة الشعور الإنساني للمرضى.

وتقول التلّ إنّ المذيعة قامت بانتقاد شعب تحت “الاحتلال والحصار”، وهذا تصرُّف غير لائق وغير مقبول، وأن ما تحدَّثت به يُعدّ خطاب كراهية ضد شعب “قريب وصديق” للأردن.

وفي مقارنةٍ عقدتها المذيعة بين ظروف الحجر الصحي في دول أخرى وظروف الحجر الصحيّ في الأردن، قامت المذيعة بوصف شعوب تلك الدول بأنها شعوبٌ “فقدت حواسها”، إذ تشكّل بفعلتها أذى نفسيًا واجتماعيًا، وتحطُّ من الروح المعنويّة لتلك الشعوب.

وتضيف التل أنه كان بإمكان المذيعة أن تمدح الأردن دون الإساءة للدول الأخرى، مشيرةً إلى أنّ لغة جسد المذيعة أيضاً عكست شعورها بالاستعلاء على تلك الشعوب، والاستهتار بأفرادها.

كما حاورت مذيعة أحد البرامج وزير الصحة، للحديث عن مستجدّات فيروس “كورونا”، واستخدمت المذيعة عبارات عديدة، منها؛ “في ناس مش فاهمة للآن”، “واضح إنه في ناس لسا بتخبّي إنها مصابة أو مشتبه باصابتها”، واضعةً نفسها موضع النّاقد.

واستخدمت المذيعة نمط الأسئلة الموجهة التي تحمل حكماً مسبقاً، وهي من نوع الأسئلة التي ينبغي على المذيع تجنُّبها، لتقول: “هل الناس مش فاهمة خطورة الوضع؟”، مرتكبةَ بالممارسات السابقة مخالفات مهنيَّة متمثّلة في إطلاق أحكام، وتحجيم وعي المواطن.

ولم تقتصر ممارستها غير المهنيّة على استخدام التعابير الخاطئة، وإنَّما أيضاً وظّفت لغة الجسد بعيداً عن اللباقة في تقدير قيمة الضيف، باعتباره شخصيّة سياسيّة، وذلك في الدقيقة 23 من عمر المقابلة، إذ أشارت ملوّحةً بكفّها إلى شخص الوزير مخاطبةً إياه “إنت اليوم يمكن أكثر شخص مطلوب للحوار والحديث في الأردن”.

وأنهى مذيع أحد البرامج حلقته بخاتمةٍ وصفها بأنها “رسالة ملغومة” إلى أشخاصٍ لم يُسمّهم، مشيراً إلى ضرورة تبرُّعهم لدعم الدولة في مواجهة فيروس “كورونا”، وفي هذا مخالفة مهنيّة متمثّلةً بتحويل المذيع برنامجه إلى منبر للتعبير عن وجهة نظره، وتجييش الرّأي العام ضدّ فئة قد يفترضها الجمهور بناءً على كلام المذيع.

وتقول التل إنه كان الأجدر على المذيع أن يستضيف مختصّاً يعرض أرقاماً لثروات الأشخاص أو المؤسّسات، ونسبة التبرُّعات خلال العام، لكن الانتقاص من مساهمة أفراد أو مؤسسات بهذه الطريقة لا يمكن تفسيره “إلا كمحاولة لصنع شعبيّة، ومحاكاة مشاعر الناس، وإثارة نعرات نحن بغنى عنها”.

وتشير إلى أنّ انتقاد أفراد من المجتمع و”تحميل الجمايل”، لن يساعد الأفراد على إدراك الإجراءات الوقائية، أو تأثير ما يحدث على الاقتصاد الأردني، وأهمية احترام القوانين والتعليمات، “وهذه ممارسات تغذّي العنصرية وترتقي إلى خطاب كراهية”.

وترى التلّ أن أخطر ما يواجه الإعلاميين اليوم هو البحث عن “الشعبويّة” التي تعزز الشعور بالغرور، وتدفع الإعلامي إلى ارتكاب الحماقات، وهذا يُشوّه المهنة باعتبار أن الصحفي ليس ناشطاً اجتماعيّاً، مؤكّدة أن الصحفي أو المذيع قادر على توظيف قناعاته الشخصيّة في عالمه الخاصّ وليس وهو يرتدي قبّعة الإعلامي.

ويُذكّر “أكيد” بمعايير مصداقية التغطية الصحفية، والممارسات المهنيّة في أداء المذيعين، والتي نذكر منها؛ ألاّ يُقحم المذيع نفسه كطرف في القضية محور النقاش حتى لو كان الموضوع المطروح يهمّ بلد نشأته، وأن يبتعد عن الغرور حتى لا يشعر المشاهد بفوقيّة يمارسها المقدّم في أدائه، وضرورة التحضير المتمكّن للفقرات بكتابة الكلمات المفتاحيّة حتى لا يقع المذيع ضحيّة الخطأ في التعبير، وأن يبتعد عن وَضْعٍ نفسه موضع النّاقد، أو يلعب دور المناضل سواء بالذَّم أو المدح.

مقالات ذات صلة