يوميات ممرضة في عهد الكورونا.. عبير المومني

في هذا الصباح وبعد أن صليت الفجر وبشعور خانق عندما نظرت لاولادي وهم نائمين لا أعرف كيف غافلتني دمعه لطالما حبستها لاثبت للجميع كم انا قويه. فخطر ببالي هذا الدعاء و انا على سجادتي ..
.. اللهم إني اعوذ بكم من زوال نعمتك و تبدل عافيتك وسوء نقمتك وجميع سخطك..
في هذه الأيام هناك شيء مهم يجب اتفقده ليكون في حقيبتي أهم من مفاتيح خزانتي ومحفظتي وهويتي انه التصريح من دائره الأزمات الذي يمكنني عن طريقه أن أصل إلى ساحة المعركة في مستشفى البشير والآن بعد أن تأكدت من التصريح موجود معي استودع أولادي وبيتي واغادر والأفكار لا تغادرني….
قد أكون أعاني من أعراض كورونية على شكل كلمات محتقنة خلف غصة كبيره في الحلق. و دموع تغلي حبست في عيوني التي ارتفعت حرارتها في متاهة الحدث. وقد اكون اعاني من وجع في القلب سببه إحباط من البعض. وقد تصل بي الأعراض لضيق في الصدر تأتي على شكل نخزات حاده حين أسمع أو ارئ هول المواقف العصيبة التي نمر بها. كل هذه الأعراض باتت كصداع مرافق لي لا يهداء .
اني حقا الان اصبحت بسبب عملي أشكل خطر على من حولي لكني رغم كل شيء لن اتخلى عن واجبي وسأبقى هنا اعمل بكل تفاني ع العكس قد ازداد حماسي للعمل لا أعرف لماذا قد يكون لاني أصبحت أشعر أنني اذهب للجهاد وهل للجهاد لذه تدفع المحاربين للموت بكل حماس ام قد أكون اغار من جنود الوطن ويشرفني أن أكون مثلهم في مجال عملي وقد يكون بقائي في عملي ارحم من عذاب الضمير الذي سوف اشعر به إذا لم اكون مع زملائي في مثل هذا الوقت.. نعم أولادي صغار.. وواجبي أن احميهم من المرض وكيف احميهم وانا كل ما أعود إليهم أعود محملة بالقلق
واجد نفسي لأول مره أدرك قيمة الاشياء التي اعتدنا عليها لدرجه لم نفكر بها للحظه…. كم كانت لدينا نعمة كبيرها أقلها نعمه ازعاج أطفالنا حين يبالغون في الاقتراب منا يبحثون عن حضن حنون فبات هذا الحضن يشكل لنا الرعب حين نراهم يندفعون إلينا فنبعدهم عنا أمام نظرة عيونهم التي يغلفها العتب والحيرة والحزن والخذلان… هم لا يفهمون لماذا نحن نتمنى لو انهم لا يقتربون منا.. حبا لهم وخوفا عليهم لا يفهمون ان شوقنا لاحتظانهم قاتل لكن ما زال الحصار قائم.
وكم كانت غالية تلك اللحظة التي كنت استطيع بها أن أقبل يد امي واجلس بقربها واشتم رائحتها لأجد نفسي الآن احسب المسافة بيني وبينها بكل دقة . لأول مرة اراقب ملامح ابي من بعيد واتابع حركات يدي بكل حرص كي لا تلمس شيء يخصه بشعور متناقض بين الخوف والشوق تختلط هذه التفاصيل الصغيرة التي لم أكن أشعر بها… اليوم أصبحت افكر بها كثيرا..
أما عن شعور غريب بموت كل شي على هذه الأرض حين اسمع صوت الأذان وأتذكر المساجد والحرم لا أريد أن أفكر لماذ حدث كل هذا الضجيج بداخلنا إلا أني اتمنى ان لا يكون عقاب من رب جبار وان يكون الله قد سخر هذا المخلوق الصغير الذي سمي فايروس كورونا ليكون لنا درس به حكم عظيمة و يكون إنذار لنا من غفلة كبيره لأنه يحبنا وأراد أن يرحمنا من جهل أنفسنا.
لا أشعر بأي مشاعر كره ولا حقد على هذا الفايروس بل للحظه أشعر بالامتنان له لأنه ساعدني بأن أرتب مشاعري بصدق.
و برغم كل هذه الأعراض الا اني ازداد قوه واعتزاز وفخر بأني أردنية… أدركت أن هذا الوطن الغالي يحتاج أن نكون فيه على قدر المسؤولية لنكون ملكا و حكومة وشعبا درع واحد ونسير معا على نفس الطريق لنبقى بسلام. وكم يؤسفني تصرفات بعض الناس الذين لا يدركون قيمة الاشياء الجاهلون بحق الله وحق أنفسهم وحق الوطن.

مقالات ذات صلة