عمل المرأة ليلاً.. جدل قانوني

أولا: من الواضح أن السبب الرئيسي للجدل القائم حول المادة 69 هو التسرع في إقحام التعديل من قبل الحكومة دون دراسة أو حوار (ثلاثي ووطني) كما تفرضه علينا التزاماتنا الوطنية والدولية، وقد فاقم المشكلة الإصرار على مناقشة القانون بين لجنة العمل والحكومة خلف أبواب مغلقة، بعكس ما جرت عليه العادة في كل لجان العمل السابقة التي كانت تتيح حوارا وطنيا مفتوحا في كل جلساتها حول كل مواد التعديلات بمشاركة ممثلي العمال وأصحاب العمل وممثلي الجهات المتأثرة ومنظمات المجتمع المدني.

ثانيا: فكرة مراجعة المادة 69 ليست جديدة، فقد بدأت وزارة العمل حوارا حول ذلك عام 2005، وعام 2013، وتوصلت مع مقترحات تراعي الظروف الوطنية ومعايير العمل الدولية، إلا أن التعديلات المقترحة لم ترى النور انتظارا للبت في القانون المعدل المؤقت لعام 2010.

ثالثا: أما من منظور معايير العمل الدولية، فإن تقييد عمل المرأة ليلا الذي جاءت به المادة 69 قد استند إلى اتفاقيتين دوليتين قديمتين حول عمل النساء ليلا، هما الإتفاقية رقم 4 لعام 1919، والإتفاقية رقم 41 لسنة 1934، واللتان تم تجميد العمل بهما منذ صدور اتفاقية العمل ليلا رقم 171 لسنة 1990، والتي مثلت توجها جديدا يتمثل بإلغاء القيود على عمل المرأة ليلا واستبدالها بحمايات قانونية للذكور والإناث في العمل الليلي، أي ما يسمى (الإنتقال من الحظر إلى الحماية).

ونتيجة ذلك تقرر إلغاء الإتفاقيتين 4 و14 بشكل تام باعتبارهما (فقدتا غاياتهما)، ولم تعارض ذلك أي دولة ومن ذلك الأردن بأطرافه الثلاثة الممثلين في منظمة العمل الدولية (الحكومة والعمال وأصحاب العمل).

وبالتالي فإن السند في المعايير الدولية الذي كانت تقوم عليه هذه المادة بشكلها الحالي قد سقط، وأصبح واجبا على المشرع الوطني أن ينسجم مع ذلك ويستبدل الحظر على عمل المرأة ليلا بحمايات خاصة للعمل الليلي للذكور والإناث، ومن ذلك مراعاة المرأة في فترة الحمل والإرضاع، وبعكس ذلك فإن الإبقاء على المادة 69 بشكلها الحالي يشكل تقييدا لحق المرأة في العمل وتمييزا ضدها وفق أحكام الإتفاقية (111) بشأن التمييز في الإستخدام والمهنة، التي صادق عليها الأردن منذ عام 1963.
وحيث أن لجنة العمل في توجه للإنتهاء من مناقشة القانون المعدل يوم الثلاثاء القادم، فإننا نعيد التذكير بالتعديل الذي نقترحة على المادة 69 بالصيغة المبينة أدناه أو بأي صيغة أخرى مماثلة تضمن إلغاء كافة أشكال القيود على المرأة، واستبدالها بحمايات خاصة لمن يعمل ليلا (ذكورا وإناثا) وحمايات خاصة للمرأة الحامل والمرضع.

النص المقترح:
يلغى نص المادة (69) من القانون الأصلي ويستعاض عنه بالنص التالي:
يصدر الوزير تعليمات يحدد بموجبها:
أ‌- الحمايات الواجب توفيرها لحماية المرأة العاملة الحامل أو المرضعة من أخطار العمل وأضراره .
ب‌- أوقات العمل التي تعتبر عملا ليليا، والتدابير التي تتطلب طبيعة العمل ليلا اتخاذها بما يضمن توفير الحمايات الصحية اللازمة للعمال والعاملات، وتمكينهم من أداء مسؤولياتهم العائلية، وتوفير فرص الترقية المهنية لهم، وتعويضهم التعويض المناسب.

حمادة أبو نجمة

مقالات ذات صلة