الحرب التي تتجنبها واشنطن

ماهر أبو طير

حرير- يواجه الرئيس الاميركي التوقيت الاكثر حرجاً، اذ يقترب من الانتخابات من جهة ويتورط في حرب مفتوحة في الشرق الاوسط في التوقيت ذاته، ويواصل دعم جرائم اسرائيل ايضا.

هذا التوقيت الحرج يخضع حاليا للادارة الجزئية، من جانب واشنطن لكن هذا لا يعني ان هذه الادارة الجزئية ستبقى قادرة على تحقيق مستهدفاتها، خصوصا، ان كل منطقة الشرق الاوسط تنزلق نحو احتمالات مختلفة، دون ان ننسى تورط واشنطن ايضا في حرب اوكرانيا، والصراع مع روسيا والصين، وما يستجد يوميا على جبهة ايران المفتوحة على كل الاحتمالات الصعبة.

واشنطن تتجنب حتى الان السيناريو الاسوأ اي انحدار كل منطقة الشرق الاوسط نحو الهاوية، وهذا برأي مراقبين كثر، تجنب مؤقت، لان المؤشرات الخطيرة تتوالى يوميا على مشهد المنطقة.

آخر التصريحات الاميركية بعد الضربة التي تلقتها قاعدة اميركية قرب الحدود الاردنية السورية، ان واشنطن لا تريد حربا مع ايران، وهي ايضا تعلن انها ستقوم برد على هذه العملية، وهذا يعني فعليا انها ستوجه ردا محدودا يتساوى مع الضربة التي تلقتها القاعدة الاميركية لكن السؤال يرتبط بموقع الرد، واذا ما كان سيكون موجها لقوات عسكرية محسوبة على ايران في العراق، او سورية مثلا ام ان واشنطن تحت ضغط الرأي العام الاميركي ستوجه ضربتها مباشرة نحو ايران، ومنشآتها العسكرية داخل ايران ذاتها بما يعنيه ذلك من كلف.

الحرب على ايران من حانب واشنطن وتل ابيب حرب يومية، لكن عبر مسربين، اولهما توجيه ضربات للنشاط الايراني في سورية، العراق، اليمن، لبنان، وثانيهما ادامة العقوبات الاميركية والغربية التي تتسبب بأضرار كبيرة ضد الاقتصاد الايراني، وتترك اثرا سيئا داخل ايران.

واشنطن على الاغلب تريد الاستمرار في المسربين ولا تريد التصعيد اكثر، وهذا يعني ان الرد داخل ايران ذاتها قد يكون آخر الخيارات واخطرها ايضا، وقد تفضل واشنطن الرد عبر استهداف الايرانيين ذاتهم في مواقع تواجدهم في دول ثانية، بدلا من الذهاب مباشرة الى “الام الحاضنة”، واستهدافها بما يعنيه ذلك من تحقيق لسيناريو اسرائيلي يريد استدراج الولايات المتحدة نحو حرب اقليمية، بحيث تدخل واشنطن بشراكة اعلى في حروب اسرائيل بالمنطقة.

السؤال الاهم هنا يتعلق بكيفية الرد الايراني اذا تم توجيه ضربة عسكرية مباشرة الى ايران ذاتها، وهل تريد ايران ايضا التورط في حرب اقليمية، ام انها تفضل استيعاب اي ضربة، وجدولة الرد الى توقيت لاحق، خصوصا، ان اضطرار طهران للرد مباشرة على واشنطن في حال تم توجيه ضربة مباشرة اليها، يعني فتح المنطقة على كل الاحتمالات المريرة هنا.

لا يمكن لواشنطن من جهة ثانية ان تلغي حسابات كل المنطقة في ادارتها لحربها الحالية، لان اشتعال الحرب اكثر، ودخول ايران مباشرة من حيث ضربها واضطرارها للرد، يعني مد نار الحرب الى الخليج العربي ومضيق هرمز، وما يعنيه ذلك ضمنيا من توقعات محتملة لوقوع حوادث امنية في هذه المنطقة على يد الايرانيين، وتاثيرات ذلك على الملاحة والنفط وشبك هذه المنطقة بما يجري في بحر العرب، والبحر الاحمر، وخليج عدن وصولا للسويس.

هذا يعني في المحصلة ان واشنطن التي تعتزم الرد على ايران مقيدة الى حد كبير، بكل الحسابات السابقة، وهذا تقييد واقعي يزيد من تعقيده عام الانتخابات في واشنطن وهو عام تضطر فيه الادارة الى الحفاظ على هيبتها العسكرية امام الناخبين من خلال الرد العسكري وفي الوقت ذاته تجنب ظهورها كإدارة صعيفة امام مواطنيها اذا تجنبت الرد القوي.

يضاف الى كل ما سبق الكلفة السياسية والامنية لجرائم اسرائيل التي تدعمها واشنطن وتدفع ثمنا مرعبا من وجودها في كل المنطقة العربية، بشكل يتضاعف يوميا امام هذه المهددات.

اسرائيل تريد معالجة كل الاخطار وفقا لمعاييرها في المنطقة في “حزمة واحدة” ولاتريد تقسيطها او جدولتها، وهي تتمنى لو تنزلق واشنطن نحو حرب مفتوحة في كل المنطقة.

مقالات ذات صلة