50 مليار دولار لتسريع وتيرة إنهاء جائحة كورونا في الدول النامية

حرير _ أكد رؤساء منظمات ومؤسسات عالمية، أن الاستعدادات تُجرى على قدم وساق، لعقد قمة “مجموعة الدول السبع”، التي ستستضيفها المملكة المتحدة الأسبوع المقبل، حيث سيتصدر جدول أعمالها بحث سبل إنهاء جائحة كورونا وتأمين التعافي العالمي.

وقال كل من رئيسة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، رئيس مجموعة البنك الدولي، ديفيد مالباس، والمدير المنتدب في منظمة التجارة العالمية، نجوزي إن أوكونجو إيويالا، في تصريح صحفي مشترك: إن “هناك تحديات ملحة تواجهنا، إذ بات من الواضح وضوح الشمس أن تحقيق التعافي على نطاق واسع لن يتأتى من دون إنهاء الأزمة الصحية، والحصول على اللقاح مفتاح تحقيق الغايتين كلتيهما”.

وأضافوا: “لقد أحرز تقدّم باهر على جبهة اللقاح، حيث توصل العلماء إلى لقاحات متعددة في وقت قياسي، وسخرت الجهات الحكومية والجهات الخاصة تمويلاً غير مسبوق دعماً لأبحاث اللقاحات وتطويرها وتصنيعها على نطاق واسع، لكن ثمة فجوة خطيرة لا تزال قائمة بين أغنى البلدان وأفقرها”.

“الواقع أنه في وقت بدأت فيه بلدان ثرية بحث إمكانية نشر جرعات معزّزة من اللقاح لحماية سكانها، فإن الغالبية الساحقة من سكان البلدان النامية – بل حتى إن العاملين الصحيين في الصفوف الأمامية – لم يتلقوا حتى الجرعة الأولى”، بحسب التصريح.

وتابعوا: “ويشتد الأمر وطأة في البلدان المنخفضة الدخل التي تلقت أقل من 1% من اللقاحات المقدمة حتى الآن، وبذلك أصبحنا نسير بشكل متزايد نحو جائحة مزدوجة المسار، حيث أغنى البلدان تحصل على اللقاح وأفقر البلدان متروكة خلف الركب”.

وأضافوا: “غير أن عدم الإنصاف في إنتاج اللقاحات وتوزيعها لا يترك ملايين لا حصر لها من الأفراد تحت رحمة الفيروس فحسب، وإنما يفسح المجال أيضاً لظهور متحورات فتاكة يرتد أثرها القاتل على العالم بأسره، فالمتحورات الجديدة، دفعت البلدان، حتى تلك التي تنفذ برامج تطعيم متقدمة، إلى إعادة فرض تدابير صحة عامة أشد صرامة، بل عاد بعضها إلى تطبيق قيود السفر”.

“وفي المقابل، تؤدي الجائحة الحالية إلى تعميق الفوارق في الثروات الاقتصادية بعواقب وخيمة على الجميع”، بحسب التصريح.

وقالوا: “لا ينبغي أن يكون الوضع كذلك. لذلك ندعو اليوم إلى مستوى جديد من الدعم الدولي لاستراتيجية تنسيق معزز مدعومة بتمويل جديد وتنفيذها لتطعيم سكان العالم جميعا”.

“تسريع مكافحة الفيروس”

وعرض موظفو صندوق النقد الدولي مؤخراً، مقترح خطة بغايات واضحة، وإجراءات عملية، وتكلفة مجدية، حيث تستند الخطة إلى العمل الحالي الذي تضطلع به المنظمة وشركاؤها في إطار مبادرة تسريع إتاحة أدوات مكافحة جائحة كورونا، (مسرّع الإتاحة)، وبرنامجها العالمي لإتاحة اللقاحات (كوفاكس)، فضلاً عن عمل مجموعة البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية وجهات أخرى كثيرة.

رؤساء المنظمات والمؤسسات العالمية، أضافوا: “بميزانية تقدر بمبلغ 50 مليار دولار أميركي، ستساهم الخطة في تسريع وتيرة إنهاء الجائحة في العالم النامي، والحد من حالات الإصابة بالعدوى وفقدان الأرواح، وتسرّع خطى التعافي الاقتصادي، وتولد نحو 9 تريليونات دولار أميركي من الإنتاج العالمي الإضافي بحلول عام 2025”.

“الكل رابح في هذه الخطة – علما بأن نحو 60% من المكاسب ستجنيها الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، في حين أن 40% من هذه المكاسب سيستفيد منها العالم المتقدم، ناهيك عما سيعود من منافع لا تُقدّر بثمن على صحة الناس وحياتهم”، بحسب التصريح المشترك.

وتنطوي الخطة على زيادة الطموح وتطعيم المزيد من الأفراد بوتيرة أسرع من ذي قبل؛ حيث وضعت المنظمة وشركاؤها في مبادرة كوفاكس هدف تطعيم 30% على الأقل من السكان في جميع البلدان بحلول نهاية عام 2021، وقد ترتفع هذه النسبة إلى 40% من خلال اتفاقات أخرى وزيادة الاستثمارات، وقد تصل إلى 60% بحلول النصف الأول من عام 2022.

ويقتضي تحقيق هذا الهدف تسخير تمويل إضافي للبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وتخصيص جزء كبير منه في شكل منح وتمويل ميسر. ومن أجل إيصال اللقاحات عاجلا إلى مستحقيها من الأفراد، دعا رؤساء المنظمات والمؤسسات العالمية إلى التبرع فورا بالجرعات للبلدان النامية، وأن يتزامن ذلك مع خطط وطنية لنشر اللقاح بسبل منها مرفق كوفاكس. ويتعين أيضاً إقامة تعاون تجاري لضمان تدفقات حرة عبر الحدود وزيادة إمدادات المواد الأولية واللقاحات الجاهزة.

الخطة تشمل أيضا، التأمين ضد مخاطر الخسارة الناجمة مثلا عن ظهور متحورات جديدة قد تتطلب جرعات معززة. وهذا يعني ضرورة الاستثمار في تعزيز قدرة إنتاج اللقاح بمقدار مليار جرعة على الأقل، وتنويع الإنتاج بحيث يشمل الأقاليم التي تفتقر حالياً إلى القدرة على الإنتاج، وتقاسم التكنولوجيا والدراية، وزيادة الترصد الجينومي والرقابة على سلسلة الإمداد، ووضع خطط للطوارئ للتعامل مع طفرات الفيروس واضطرابات الإمداد.

وفي التصريح المشترك، دعوا إلى إزالة كل العراقيل أمام توسيع نطاق الإمدادات، وإلى تسريع المفاوضات من أجل التوصل إلى حل عملي بشأن جوانب الملكية الفكرية، حيث تبذل العديد من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل أيضاً جهودا للاستثمار في قدراتها الخاصة بالتصنيع المحلي، وهو ما يعدّ ذا أهمية محورية ليس لإنهاء هذه الجائحة فحسب، بل للتأهب لمثيلاتها أيضا.

الخطة تشمل أيضا المبادرة فورا إلى تعزيز تدابير الاختبار وتتبّع المخالطين وزيادة إمدادات الأكسجين وتقوية التدابير العلاجية وتدابير الصحة العامة، مع العمل في الآن ذاته على زيادة توزيع اللقاحات وتعزيز مبادرة مسرّع الإتاحة.

وتواظب منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) والبنك الدولي وتحالف (غافي) على إجراء تقييمات لمدى الاستعداد لتلقي اللقاحات في أكثر من 140 بلدا ناميا، وتقديم الدعم الميداني والتمويل استعدادا لنشر اللقاح.

ماذا عن التكلفة؟

من مجموع التكلفة المقدّرة بمبلغ 50 مليار دولار أميركي، هناك حاجة قوية إلى أن يتأتى مبلغ 35 مليار دولار على الأقل، في شكل منح مالية، حيث صدرت إشارات إيجابية بالفعل من حكومات مجموعة العشرين التي أقرّت بأهمية المساهمة بمبلغ تمويل إضافي بنحو 22 مليار دولار أميركي لمبادرة تسريع الإتاحة في عام 2021.

وهناك حاجة إلى تمويل إضافي بنحو 13 مليار دولار أميركي لإعطاء دفعة قوية لإمدادات اللقاح في عام 2022 وزيادة الاختبارات والعلاجات والترصد.

أما المبلغ المتبقي من خطة التمويل العام – أي زهاء 15 مليارا – فيمكن أن يتأتى من الحكومات الوطنية بدعم من المصارف الإنمائية المتعددة الأطراف، ومنها البنك الدولي الذي خصص مبلغ 12 مليار دولار أميركي لتيسير تمويل حملات التطعيم.

وتقتضي الخطة التمويل مقدما والتبرع باللقاحات مقدما والتخطيط والاستثمارات التحوطية مقدما أيضا، بدلا من التعهدات التي قد يتباطأ تنفيذها. ومن الضروري إتاحة كل ذلك في أسرع وقت ممكن.

وتقتضي الخطة أيضا تنسيق الجهود العالمية، استنادا إلى الشفافية التامة في عملية الشراء والتسليم، حيث إن نجاح الاستراتيجية يتوقف على العمل المتناغم للأطراف كافة – القطاع العام، والقطاع الخاص، والهيئات المالية الدولية، والمؤسسات الخيرية.

جورجيفا، غيبرييسوس، مالباس، وأوكونجو إيويالا، قالوا: “لعلّ تخصيص 50 مليارا لإنهاء الجائحة سيكون أفضل استثمار للأموال العامة نشهده في حياتنا، وسيعود بمنافع إنمائية جمة ويعزز النمو والرفاهية في العالم، غير أن الوقت المتاح أمامنا لاغتنام الفرصة ينفد بسرعة – فكلما تأخرنا ازدادت التكلفة التي ندفعها من حيث المعاناة البشرية والخسائر الاقتصادية”.

وأضافوا: “باسم منظماتنا الأربع، نعلن اليوم عن التزام جديد بالعمل معا على زيادة التمويل المطلوب، ورفع حجم التصنيع وضمان الانسياب في تدفقات اللقاحات والمواد الأولية عبر الحدود  لتحقيق زيادة كبيرة في إتاحة اللقاح دعما للاستجابة الصحية والتعافي الاقتصادي، وبثّ الأمل الذي نحتاجه جميعا”.

وتابعوا: “تسعى مؤسساتنا جاهدة لتحويل هذا الأمل إلى واقع؛ فصندوق النقد الدولي يعكف على تخصيص حقوق سحب خاصة غير مسبوقة لدعم الاحتياطيات والسيولة لدى أعضائه. ومنظمة الصحة العالمية منكبة على تحديد التمويل المطلوب لكي يتسنى الوفاء بالاحتياجات الملحة لخطتها الاستراتيجية للتأهب والاستجابة ولشراكة مسرع الإتاحة، في حين يعمل مجمّع إتاحة تكنولوجيات مكافحة (كوفيد – 19) (C – TAP) على حفز تقاسم الخبرات والتكنولوجيا”.

وسينفذ البنك الدولي مشاريع في 50 بلداً على الأقل بحلول منتصف العام – حيث تعكف مؤسسة التمويل الدولي على تعبئة القطاع الخاص لدعم توريد اللقاح إلى البلدان النامية، وتعمل منظمة التجارة العالمية من جهتها على تحرير سلاسل الإمداد لإنجاح الخطة، بحسب التصريح المشترك.

وأضاف رؤساء هذه المؤسسات: “أن إنهاء الجائحة مشكلة قابلة للحل لكنها تقتضي بذل جهود عالمية حالا، فلنشحذ همتنا معا وننجز هذه المهمة”.

المملكة

مقالات ذات صلة