هل تسقط اتفاقية الغاز مع الأردن؟

 

عبد الناصر عيسى

ثلاث خدع حاولت إسرائيل استخدامها لضمان تطبيق اتفاق الغاز بينها وبين حكومة الأردن، والذي تم في أواسط العام 2016 بقيمة 10 مليارات دولار ويقضي بشراء شركة الكهرباء الأردنية ثلاثة مليارات متر مكعب من الغاز سنويا ولمدة 15 عاما، ولتجنب المخاوف الإسرائيلية التي يبدو أنها بدأت تتحقق من خلال تصاعد الاحتجاجات الشعبية في الأردن على شراء الغاز العربي المسروق على يد إسرائيل، لدرجة أدت إلى توجيه البرلمان للحكومة الأردنية بضرورة حظر استيراد الغاز من إسرائيل، فما هي هذه الخدع وكيف تطورت الأحداث؟

كانت الخدعة الأولى تقتضي بأن الحكومة الأردنية لم تعقد اتفاق توريد الغاز مباشرة مع الحكومة الإسرائيلية، بل مع شركة أمريكية تدعى نوبل إنرجي. ولم تنطل هذه الحيلة على أحد، فقد أدرك الشعب الأردني مبكراً أن هذه الشركة هي شريك لشركة نوبل إنرجي المملوكة للملياردير الإسرائيلي الشهير يتسحاق تاشوبا، وكليهما يمتلكان 85 في المئة من حقل الغاز الأكبر لإسرائيل، وهو حقل ليفيتان، باحتياط غاز ثابت يقدر حجمه بـ540 مليار متر مكعب.

أما المحاولة الثانية لخداع الرأي العام الأردني والذي أدرك مخططو الاتفاق منذ البداية أنه العقبة الأكبر في طريق توقيع وتطبيق الاتفاق، فهي ربط تنفيذ الاتفاق بضمانات أمريكية، فإن تراجع الأردن يتم خصم تعويضات لإسرائيل من المساعدات الأمريكية المهمة للأردن، حيث أمريكا هي الداعم الرئيسي للأردن بمبلغ 1.75 مليار دولار كمعونات مباشرة. ومن غير المؤكد أن تنجح هذه المحاولة لتربيط الأردن كي يستمر في تنفيذ الاتفاق. وهنا تقع الحكومة الأردنية في مأزق مطرقة الاحتجاجات وسندان المساعدات، في ظل غياب موقف عربي إسلامي داعم لبدائل أردنية بعيدة عن إسرائيل، كما بذلت إسرائيل جهدها في تخفيف (لدرجة التجاهل) الانشغال الإعلامي العام لبدء عملية تصدير الغاز للأردن في 2 كانون الثاني/ يناير، بعكس الاحتفالية التي تمت مع مصر، وهو جهد أشار إليه العديد من الخبراء الإسرائيليين ومنهم ليئور جوتمان في يديعوت أحرونوت بداية هذا الشهر.

وفي كل الأحوال، لم تنجح تلك الخدع أو محاولات تربيط الأردن سالفة الذكر في ثني الشعب الأردني ومجلس نوابه عن المضي قدما في معارضة هذه الاتفاقية. ولكن هل ستنجح هذه المعارضة في ثني الحكومة عن الاستمرار في التطبيق الفعلي لها؟ الأيام والتطورات القادمة ستوضح ذلك..

ومن المثير للانتباه وفق المصادر الإسرائيلية، أن إسرائيل تبيع الغاز للأردن بسعر 5.5 دولارات للوحدة الحرارية، بينما تبيعه بسعر 4.79 دولارات من حقل ليفيتان و6.3 دولارات من حقل تمار لمواطنيها الإسرائيليين، فما هو سر هذا التناقض (أو الكرم) الإسرائيلي؟

من المعقول القول إن أسبابا سياسية تقف خلف الموضوع، فاختراق إسرائيل للأسواق العربية وبناء التعاون معها على القضايا الاقتصادية سيعمق قبولها وتأثيرها ونفوذها في المنطقة، وذلك مقابل منافسيها الحقيقيين وعلى رأسهم الأتراك، وهو ما يؤكد أن الدور الأكبر هو للدوافع الجيوسياسية، وخاصة مع الأردن الذي طالب الجنرال عاموس جلعاد الإسرائيليين قبل أيام، وعلى خلفية احتجاجات الغاز في الأردن، بعدم التفريط في العلاقة الاستراتيجية معه بأي حال من الأحوال، وعدم زيادة الأمور تعقيدا بتصريحات استفزازية كتلك التي تطلق حول ضم الأغوار أو زيادة اقتحامات المسجد الأقصى.

مقالات ذات صلة