النواب بعد الموازنة.. بانتظار العاشر من نيسان

بقلم وليد حسني

حرير _
لم تكن مناقشات النواب لموازنة الدولة وموازنة الوحدات الحكومية المستقلة للسنة المالية 2020 تشكل أي خطر على الحكومة أو حتى على الموازنة نفسها، فلم يسجل في تاريخ الحياة البرلمانية الاردنية حل مجلس النواب بسبب رفضه للموازنة الا في المجلس النيابي الثاني لرفضه المصادقة على موازنة الدولة للسنة المالية 1951 .
وجرت العادة في المواسم السنوية لمناقشة الموازنة العامة للدولة أن يذهب النواب الى أبد مدى في تسخين خطابهم في مواجهة الحكومة إما لمخاطبة الجمهور، وإما لتحسين شروط الامتيازات الشخصية، أو لتسديد ضربات جزاء متاخرة في مرمى الحكومة مجتمعة او في مرمى وزراء بعينهم.
ومن هنا لم تكن خطابات النواب في مناقشة الموازنة التي أسدل الستار عليها مساء أمس من ذلك النوع الذي يمكنه إثارة فضول الصحفي لمجرد حتى التفكير بوجود خطر ما على الموازنة، ومنذ سنة 1989 فان الموازنة الوحيدة التي كادت أن يتم رفضها من النواب كانت موازنة حكومة عبد السلام المجالي سنة 1994 ولولا تدخل القصر في حينه لكان النواب قد رفضوها.
انتهى بالأمس حفل زفاف الموازنة بحصولها على ثقة (61.5 % ) من النواب، وأصبحت كل تفاصيل مناقشات الايام الاربعة رهينة لملفات الحفظ والنسيان، ليتجه المجلس لمواجهة استحقاق آخر في دورته الأخيرة المتمثل بالجلسة التي سيعقدها يوم الاحد المقبل لمناقشة ملف الطاقة، واتفاقية الغاز، والاقتراح بقانون لالغائها.
ربما يكون عنوان الجلسة ومضمونها مثيرا لاهتمام الجمهور ومتابعتهم أكثر من اهتمامه بمناقشات الموازنة، فهناك على خاصرة العبدلي سيدخل النواب في اختبار حقيقي أمام الجمهور مباشرة وهذا ما سيجعل من تلك الجلسة مساحة مفتوحة للاستعراض السياسي والخطابي والوطني، والشعبوي، قبل أن يكتفي المجلس بالركون الى قرار إحالة الاقتراح بقانون الغاء اتفاقية الغاز الى الحكومة، واستنادا لذلك سيقرر تاجيل طرح مذكرة حجب الثقة عن الحكومة الى ما بعد اقرار الحكومة للاقتراح بقانون وإعادته الى المجلس وهو ما لن يحدث في المدى المنظور.
كل ما يجري اليوم وسيجري تحت قبة مجلس الأمة خلال الاشهر الثلاثة المقبلة تمثل نوعا من الإكتتاب في أسهم رفع الشعبوية البرلمانية استعدادا لانتخابات نهاية العام الجاري ــ في أبعد التقديرات ـ، وهذا ما سيجعل من الجمهور هدفا للاستقطاب، ومن الحكومة هدفا مكشوفا تماما أمام خطابات النقد والتحطيم والتهديد والوعيد.
في الاشهر القليلة المتبقية من عمر المجلس الثامن عشر الحالي ليس ثمة ما يشير الى أجنى احتمال لحله قبل نهاية دورته العادية الحالية ، وقد يحظى بعد شهر رمضان في نهايات أيار المقبل بدورة استثنائية قصيرة ــ إن اقتضت الضرورة ــ ، وليس من المحتمل أن يحظى بالتمديد لسنة أخرى إضافية، فلا مسوغات على الأرض تبرر التمديد، ولا استحقاقات ضغطة على الأرض تبرر حله قبل نهاية دورته العادية الحالية التي تنتهي دستوريا في العاشر من نيسان المقبل.
مجلس النواب ينام الان على دكة الانتظار حتى العاشر من نيسان المقبل، لا مفاجات في الطريق يمكنها تعديل او تغيير مجرى الرضا عنه، وليس في المدى المنظور ما يبرر بقاءه والتمديد له سنة أخرى، مما سيبقي المجلس في حالة وداع بعد نهاية دورته العادية الحالية.

مقالات ذات صلة