سفير فرنسا وتصريحات بنكهة استعمارية تشغل تونس

حرير ـ لم تمر تصريحات الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، بمناسبة إحياء ذكرى الشهداء، والتي أشار فيها إلى وجود سفير دولة أجنبية في تونس يتحدث عن إعادة الاستعمار للبلاد، من دون أن تخلق جدلاً وردوداً. 

وإن لم تذكر تصريحات الطبوبي سفيراً باسمه، فإن تلميحاته جعلت الشكوك تحوم حول سفير فرنسا في تونس أوليفيي بوافر دارفور.

وكان الطبوبي قد قال، خلال تجمع عمالي في ذكرى الشهداء، إن “سفير دولة أجنبية في البلاد كشف، ذات سهرة وقد كان مخموراً، عن وجهه الاستعماري القبيح، متحدثاً عن إعداد السفارة لنخبة من القيادات ستتولى حكم تونس مستقبلاً”. وأضاف أن الوضع في تونس “أضحى خطيراً، فالبلاد أصبحت مرتهنة للخارج، ولا يمكن قبول المساس بسيادة القرار الوطني”.

وحاول سفير فرنسا، الذي يعدّ محل انتقادات لاذعة سابقاً لكثرة تحركاته في البلاد وحضوره المبالغ فيه في المناسبات الوطنية، وحتى الأعياد الدينية، أن يدرأ الشبهة عن نفسه قائلاً خلال تصريح صحافي يوم الجمعة إنه “لا يشرب الخمر”، وإن “تصريحات الطبوبي لا تتعلق به، كما أنها عبثية وغير منطقية ومرعبة”.

ولم يتأخر الرد من الأمين العام لمنظمة الشغيلة، الذي أفاد على هامش تجمع عمالي اليوم الجمعة بأن ما أدلى به بوافر دارفور لا يعني له شيئاً، وأنه لم يذكر السفير، ولكن إذا ما اعتبر سفير فرنسا أنه مقصود بذلك وأنه من ينوي إحياء العقلية الاستعمارية “فعليه أن يتحمل مسؤوليته”.

وأوضح الأمين العام للاتحاد أن “سفارة فرنسا تعد شخصيتين وتدعمهما لتولي الحكم مستقبلاً، وما ذلك إلا إحياء لعقلية الاستعمار”.

ولاقى هذا التلاسن بين الطبوبي وسفير فرنسا صدى إعلامياً واسعاً، وفتح مجدداً الجدل حول تحركات بوافر دارفور في تونس، إذ تعد حفلات سفارته مزاراً لبعض السياسيين الباحثين عن الدعم، علاوة على تنقل هذا الأخير بشكل نشط إلى كل جهات البلاد، وعدم تخلفه عن التصريحات الإعلامية في كل مناسبة وطنية أو دينية، وإبداء مواقف إزاء بعض الأزمات الداخلية، حتى إنه يلقب بـ”المقيم العام الجديد”.

وسبق أن طالبت منظمات تونسية وزارة الخارجية ورئاسة الجمهورية بالتدخل وتنبيه نظيراتها الفرنسية والكندية والأميركية بالخروقات التي يرتكبها سفراؤهم في تونس، ما استدعى آنذاك وزارة الخارجية التونسية بتعميم مذكرة على جميع السفارات للالتزام بالبروتوكولات والأعراف الدبلوماسية، وعدم مغادرة حدود العاصمة إلا بإعلام وزير الخارجية التونسي.

من جانبه، بيّن الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل سمير الشفي،  أن الطبوبي وإن لم يذكر السفير، وبصرف النظر عن الحيثيات، فإن الاتحاد من حيث المبدأ حريص على حماية السيادة الوطنية والعلاقات الدبلوماسية، وحماية المصالح المشتركة في إطار احترام متبادل وبشرط الالتزام بالأعراف الدبلوماسية.

وأبرز الشفي أن المنظمة لا تستهدف أي جهة، لكنها لا تقبل قطعاً، خاصة في فترة ما بعد الثورة، حالة الانفلات المسجلة لدى بعض السفراء، إذ تجاوز عدد من السفراء البروتوكولات والأعراف التي تحكم وجودهم في الدولة المضيفة.

واعتبر أن “ما يهم الاتحاد هو أن يبقى القرار الوطني مستقلاً، ولا يقبل الأمين العام والمنظمة كاملة أن تنتهك سيادة البلاد وتضحي مرتهنة لسفراء دول أخرى”.

ونبّه الشفي، في حديثه السفراء الأجانب إلى أن “العمل الدبلوماسي يكون وفق القوانين التي تنظم العلاقة والتمثيلية الدبلوماسية، ويجب أن يكونوا بعيدين عن الشأن الداخلي الذي يعد خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه”.

مقالات ذات صلة