كسر ظهر الفساد.. عنوان المرحلة

حاتم العبادي

«مكافحة الفساد أولوية قصوى بالنسبة للحكومة ولي ولجميع المؤسسات (…) نريد كسر ظهر الفساد» كلمات أطلقها جلالة الملك، فكانت اصداؤها في المؤسسات الرقابية والرسمية، بمثابة «المحرك» للتعامل بجدية مع هذا الملف، وبما يجسد رؤية جلالته التي تمثلت في قوله «بكفي خلص بدنا نمشي للأمام».

وشهدت الفترة الماضية تعامل الجهات الرقابية والرسمية، مع قضايا وملفات فساد، طالت اشخاصا كانوا في مواقع مسؤولية، وكذلك موظفين رسميين، بعث التعامل معها بشفافية ووضوح، وتحويلها الى القضاء ليقول كلمته فيها، برسالة طمأنة للمواطن، بأنه «لا أحد فوق القانون بغض النظر من هو أو هي».

التوجيه الملكي، بضرورة محاربة الفساد، التقطته الجهات الرسمية، وتعاملت معه، دون النظر الى طبيعة عمل الاشخاص المتورطين او حجم القضية، فالحكومة ومجلس النواب، في سابقة غير معهودة، تعاملا مع تفاصيل تقرير ديوان المحاسبة بكل جدية وحزم، وتحويل جميع الملاحظات، إلى الجهات المعنية لوضع كل منها في صورة الملاحظات وطلب الاجابة عليها، واتخاذ ما يلزم حيالها من إجراءات تصحيحية، تضمن العدالة وسيادة القانون وإعادة الحقوق لاصحابها، بما فيها تحويل المخالفين الى الجهات القضائية.

وليست الاجراءات التي اتبعتها الحكومة مع ما بات يعرف بقضية الدخان، ببعيدة، إذ تم التعامل معها بشفافية واضحة أمام الرأي العام، في جميع مجرياتها من تاريخ الاعلان عنها، الى قرار تحويلها للقضاء لاتخاذ المقتضى القانوني.

واشار حينها رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز الى جهود ملكية استثنائية بذلت في جلب المطلوب الفار من وجه العدالة عوني مطيع، وهي القضية التي اثارت اهتمام الراي العام على مدار الاشهر الماضية.

كما يتضح هذا من خلال مستوى أداء هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، التي وضعت نصب عينيها، أنه لا اعتبار في التعاطي مع ما يردها من إخبارات وشكاوى وقضايا فساد، إلا للمصلحة العامة في التعاطي مع ملفاتها دون التردد نتيجة أي حساسية قد تفرضها المناصب أو الخلفيات.

وتجسد هذا الشعار، في الاجراءات القانونية والقضائية، التي أتخذت الهيئة من حيث عدد القضايا التي تتولاها الهيئة، ومستوى المشمولين بهذه الملاحقات.

وبمراجعة القضايا التي أحالها المدعي العام للهيئة إلى القضاء يلحظ المراقب أن عدد الوزراء المشمولين بطلب الإذن بالملاحقة أخيرا كان اثنين -وزير صحة ووزير أشغال سابقين- فضلا عن ملاحقة مسؤولين أمنيين سابقين متقاعدين، وموظفين عموميين وإصدار قرارات توقيف بالجملة.

ويقدر عدد الملفات التحقيقية نحو 200 ملف تحقيقي تحول من الهيئة للمدعي العام سنويا، في حين يقدر العدد خلال الربع الاول من العام الحالي للموقوفين من قبل مدعي عام النزاهة نحو 40 شخصا، في وقت تتصدر فيه جريمة استثمار الوظيفة عدد الجرائم التي صدر فيها قرار التوقيف، في حين تلتها التزوير ثم الاختلاس.

وأعاد التوجيه الملكي، بوصلة الحكومة للتعامل مع محاربة الفساد، بمنظور المصلحة الوطنية، بعيدا عن الشعارات، والعمل بصمت، بالتعاون والتنسيق مع مختلف الجهات.

ودفع التوجيه الملكي مجلس الامة الى لعب دوره الحقيقي، في التعامل مع قضايا الفساد، وسيطر الاهتمام بجلسات معلنة على تفاصيل قضايا فساد شغلت الرأي العام، ومنها «قضية الدخان»، التي تعهدت الحكومة بعدها بإجراءات حاسمة، مؤكدة حرصها على التعاون مع الجميع لحماية مقدرات الوطن.

ولم تأل الحكومة جهدا في استقلالية عمل هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، لما فيه المصلحة العامة ووضع معايير واضحة لمنظومة النزاهة ومكافحة الفساد، خصوصا أن المرحلة تُوجبُ المساءلة والتأكيد على مُحاسبة المُقصر وحماية المواطن وتطبيق القانون وعدم التهاون في ايقاع العقوبة أو تعطيل أي ملف متعلق بالفساد وتحت أي ذريعة.

وعززت التوجيهات الملكية المستمرة، لدى المواطن، ثقافة مكافحة الفساد، بكافة اشكالها المقنعة، بسلوكيات الواسطة والمحسوبية والشللية والمحاباة، وجعلته اكثر إصرارا على نيل حقه بالطرق القانونية، التي ضمنها القضاء النزيه، ففي الفترة الاخيرة، انصف القضاء مواطنين هضمت حقوقهم بتعيينات كانت في وقت سابق تمر، ويسكت عنها لأسباب مختلفة.

وأنطلقت الحكومة بأذرعها المختلفة، بكل ما ذكر من المبادئ التوجيهية لأولويات عملها للعامين 2019 – 2020، التي جاءت تحت عنوان على خطى النهضة، بما يجسد محور دولة القانون والشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد.

مقالات ذات صلة