العراق: لقاءات جس النبض لتشكيل التحالفات تتخطى الفيتوات السابقة

على الرغم من تسارع وتيرة اللقاءات بين القوى العراقية المختلفة، بهدف التوصل لتفاهمات حول تشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان التي تختار رئيس الحكومة المقبل، تدل المؤشرات على أن هذه الحوارات لا تزال تمهيدية من دون التوصل إلى اتفاق حتى اللحظة. ويبدو زعيم “التيار الصدري”، مقتدى الصدر، الذي تصدّر تحالفه مع الشيوعيين، “سائرون”، الانتخابات بـ54 مقعداً، الأكثر نشاطاً، فبعد لقائه رئيس الحكومة حيدر العبادي، اجتمع بشكل مفاجئ ليل الأحد مع زعيم تحالف “الفتح”، ممثل مليشيات “الحشد الشعبي”، هادي العامري، بعدما كان وضع فيتو في وقت سابق فيتو على التحالف مع “الفتح” و”ائتلاف دولة القانون” بزعامة رئيس الحكومة السابق نوري المالكي. ويأتي حراك الصدر في ظل سعي إيراني بواسطة قائد “فيلق القدس” قاسم سليماني، ورجل الدين محمود الشاهرودي صاحب النفوذ الأقوى على حزب “الدعوة الإسلامية”، لعرقلة التحالف بين الصدر والعبادي بأي طريقة، وصولاً إلى محاولة تفكيك ائتلاف الثاني (النصر) في حال لم تنجح طهران بجمع الأخير مع تحالف “الفتح” و”دولة القانون”. وفي الوقت الذي يُسارع فيه قادة الأحزاب لبناء تحالفات لتشكيل الحكومة المقبلة، ومن ثم توزيع الوزارات والمناصب بحسب التمثيل البرلماني، يختفي صوت المكوّن العربي السُنّي عن الحراك السياسي اليومي الذي أعقب الانتخابات.

وفاجأ الصدر الجميع بلقاء العامري في بغداد ليلة الأحد. وقال بيان لمكتب زعيم “التيار الصدري”، إن اللقاء ناقش نتائج الانتخابات، وتطورات العملية السياسية في البلاد، ونقل عن الصدر دعوته إلى الإسراع بتشكيل “حكومة أبوية” قادرة على تقديم الخدمات للشعب، وتعبّر عن تطلعاته المشروعة، مشدداً على ضرورة أن يكون قرار تشكيل الحكومة وطنياً بمشاركة كل الكتل الفائزة.

“وشهد يوم أمس الإثنين لقاءات جانبية على مستوى الوفود التفاوضية والقيادات التي تمثّل “الفتح” و”النصر” و”سائرون” و”الحكمة”. وقال قيادي بارز في تحالف “الفتح” الذي يرأسه العامري، ، إن “أي حديث عن نضوج تحالف ما غير صحيح، وما زال الحوار في أوله”. ووفقاً للقيادي الذي فاز هو أيضاً بمقعد في البرلمان، فإن “الكثير من السيناريوهات والتسريبات حول التحالفات غير صحيح وتتعمّد بعض الكتل تسريبها للإعلام لأهداف ما، لكن فعلياً لا يوجد شيء ناضج لغاية الآن”.
أما القيادي في تحالف “الوطنية”، عبد الكريم عبطان، فقال  إن “اللقاءات الأولية التي تمّت بين قيادات الكتل السياسية هي تمهيدية، وهناك اتفاق على أن تتولى كل كتلة تسمية وفد تفاوضي عنها ووضع جدول لقاءات خلال الأيام القليلة المقبلة”.

من جهته، أوضح عضو تحالف “سائرون”، أحمد حسين، أن “التقارب بين كتلة وأخرى لا يعني بأي حال أن هناك اتفاقاً نهائياً”، مضيفاً: “مقتدى الصدر وحيدر العبادي وإياد علاوي وأسامة النجيفي وعمار الحكيم هم نظرياً الأقرب في تحالف عابر للطائفية، لكن عملياً هذا التحالف يحتاج إلى تفاهمات كثيرة أولها رئاسة الوزراء وشكل الحكومة المقبلة”.

في ظل هذه التطورات، يبدو حضور الأحزاب ذات الصبغة العربية السنّية المتفرقة في مناطق شمال البلاد وغربها، ضعيفاً بالمقارنة مع التحالفات الجديدة، التي ركّزت على تنوّع الوجوه والقوميات والتوجّهات وحتى المذاهب، فائتلاف “النصر” الذي يتزعمه العبادي ضمّ شخصيات سنّية وشيعية ومن التركمان والأكراد والشبك والأيزيديين، حتى تحالف “الفتح” ضمّ شخصيات سنّية أبرزها خالد الملا وعبد الرحمن اللويزي.
واستقرت بعض القوائم في مدن عراقية على البقاء ضمن التمسك بالطائفة والمذهبية، مثل تحالف “القرار” الذي تضمّن غالبية الوجوه السنّية المعروفة، إلا أنه لم يحقق سوى 19 مقعداً في البرلمان.

 

العربي الجديد

مقالات ذات صلة