الأردن يتخوف من تداعيات ارتفاع كلف الاقتراض

تزايدت المخاوف في الأردن من الفجوة الكبيرة بين أسعار الفائدة على الودائع والقروض، ما يهدّد بزيادة أعداد المتعثرين في السداد بسبب ارتفاع كلف الاقتراض.

وأقر محافظ المصرف المركزي الأردني زياد فريز، بارتفاع الهامش ما بين أسعار الفائدة في البنوك على الودائع والقروض، ولم يخف المحافظ محاولات المركزي لتخفيض “المارجن” الذي يمثل الفارق بين سعر الفائدة على الودائع والقروض بقوله “إننا نسعى جاهدين مع البنوك أن ينخفض المارجن الذي وصل في بعض الحالات إلى 5 نقاط، وهو أمر كبير لكن باعتقاد البنوك ليس كبيراً بينما نحن نقول إن هنالك ديونا تتعثر ولا بد من خفض الكلف”.
وقال فريز في تصريحات له في المنتدى الاقتصادي الأردني الذي اختتم أعماله، مساء الخميس الماضي، إن النظام المصرفي القوي يحمي عملية التنمية الاقتصادية وأي خلل أو زعزعة يعرضنا لانكشاف غير مرغوب فيه، ولذلك نتبع سياسة غير مباشرة ولا نتبع سياسة التحديد من أجل الخفض بل الحوار”. وأضاف: “باعتقادي أنه في السنوات الأخيرة انخفضت الفوائد في البنوك بسبب التنافسية الشديدة، واتفق بأن المارجن مرتفع ونحن نتخذ الإجراءات ولم نصمت إزاء ذلك”.
وقال الخبير والمحلل الاقتصادي حسام عايش: يشكل هامش سعر الفائدة أحد الأسباب المهمة لارتفاع كلفة الإقراض في الأردن، وهي مشكلة مزمنة فالقطاع المصرفي يجد أنها معقولة في ظل ارتفاع درجة المخاطر والكلف الإضافية، فيما يعتبرها المقترضون الأفراد والشركات والمؤسسات الاقتصادية غير عادلة، ولا تعبر عن حقيقة المعادلة المصرفية ذات الصلة بسعر الفائدة المتدنية على الودائع.
وأضاف عايش أن أسعار الفائدة على الودائع هي ضمن حدود 3% إلى 4%، وتقدّر نسبة التعثر المصرفي بأكثر من 4% بقيمة 1.4 مليار دولار، موضحاً أن أحد أسبابه هو سعر الفائدة وهامشها.

وقال عايش إنه “إذا اخذنا بالاعتبار أن مديونية الأفراد إلى دخلهم تزيد عن 69% فذلك يبين حجم تأثير هامش الفائدة عليهم، خصوصا وأن ما يقل قليلا عن 40% من تسهيلات البنوك هي استهلاكية وسكنية للأفراد.
وأوضح أن حالات التوقف عن السداد في القروض العقارية عائدة إلى ارتفاع أسعار الفائدة يضاف لذلك العمولات والرسوم الأخرى المفروضة على المعاملات المصرفية.
وحسب عايش يبلغ عدد المودعين نحو 2.25 مليون شخص وعدد المقترضين يقل عن 600 ألف مقترض، وهو ما يعني أن ربع الأفراد البالغين لديهم حساب بنكي وهي نسبة منخفضة. وحسب أحدث بيانات للمصرف المركزي اطلعت عليها “العربي الجديد ” فقد بلغ رصید إجمالي التسھیلات الائتمانیة الممنوحة من قبل البنوك المرخصة في نھایة شھر فبراير/ شباط 2018 حوالي 36 مليار دولار.
ومن جانبه، قال الخبير المالي مروان الزعبي في دراسة حديثة له إن أسعار الفائدة في البنوك تتأثر بعاملين رئيسيين، الأول: سياسة البنك المركزي فإذا رفع البنك أسعار الفائدة على أدواته، ترتفع كافة أسعار الفائدة تدريجيا، وذلك على الرغم من أن المركزي لا يتدخل بشكل مباشر في أسعار الفائدة بالبنوك. والعامل الثاني، حسب الزعبي، هو: سلوك الحكومة، فإذا توجهت الحكومة للاقتراض من البنوك، ترتفع أسعار الفائدة أيضا وذلك لارتفاع الطلب على الأموال.
وقال الخبير المالي: في الأردن يريد المقترض أن يحصل على القرض دون أن يكترث إلى أسعار الفائدة المرتفعة، لأن ما يريده هو أن يجد البنك الذي يرغب بتقديم القرض له ولا يهمه كثيرا تفاصيل وأسرار القرض. لكن في الدول التي لديها أجهزة مصرفية متطورة وأوضاع اقتصادية مستقرة، تبحث البنوك عن المقترض وتتنافس فيما بينها لتقديم التسهيلات له، وللأسف كثير من البنوك في الأردن تستغل حاجة المقترض، وخاصة من الفئة التي ليس لها دراية بالأمور المصرفية، حسب الزعبي. ووفقاً لتقارير المصرف المركزي، بلغ أدنى سعر فائدة إقراض للعملاء في نھایة شھر فبراير/ شباط 2018 ما نسبته 8.91% لیحافظ بذلك على مستواه المسجل في نھایة الشھر السابق عليه، ومرتفعا بمقدار 8 نقاط أساس عن مستواه المسجل في نھایة عام 2017. وقام البنك المركزي في 25 مارس/ آذار الماضي برفع أسعار الفائدة على كافة أدوات السیاسة النقدیة بمقدار 25 نقطة أساس.
ورغم المصاعب الاقتصادية التي تواجه البلاد، شهد المركز المالي للقطاع المصرفي الأردني تحسنا خلال أول شهرين من عام 2018 خاصة على مستوى الودائع والقروض، وواكب التحسن إعلان الحكومة عن التوجه لطرح سندات “يورو بوند” في الأسواق العالمية بقيمة مليار دولار. وحسب أرقام رسمية فقد ارتفعت قيمة ودائع البنوك العاملة في الأردن 3.4% على أساس سنوي، خلال أول شهرين من عام 2018، مقارنة مع الفترة المقابلة من 2017.
وبلغت الودائع (الحكومية والخاصة) حتى نهاية فبراير/ شباط الماضي، 33.4 مليار دينار (47.07 مليار دولار)، علماً أنه خلال الفترة المقابلة من 2017، بلغت قيمة الودائع نحو 32.3 مليار دينار (45.5 مليار دولار).

العربي الجديد – زيد الدبيسية

مقالات ذات صلة