ثقافة الاختلاف…أحمد حسن الزعبي

يوماً بعد يوم ،تزيد رقعة خيبة الأمل ،فيثبت لنا بالوجه القاطع أن ما نراه من “تردِّ” هو جزء من بحرٍ التردّي الكبير،بدءاً بالفكر،مروراً باللغة والسلوك ،وليس انتهاء بالإقصاء والتهميش والتخوين واستسهال إطلاق الشتيمة..
لا أستطيع أن أداري خيبة أملي عندما أرى “أسماء” سياسية ،وفكرية من كل الأطراف والأطياف كنّا ننظر إليها بكثير من التقدير والاحترام تنحدر إلى قاع القاع في الخطاب والتجريح، تخلع ثياب الوقار عنها وترضى بالرعونة والحماس والتعصّب الفكري وكأننا لسنا أبناء وجع واحد ووطن واحد وشعب واحد وعروبة واحدة ودين واحد..
ما جرى من سجالات واتهامات وانحدار في اللغة بعد نتائج انتخابات نقابة المهندسين من أتباع القائمتين يطرح سؤالاً كبيراً..هل نستحق فعلاً الديقراطية بمعناها النبيل؟ هل نفهم الديمقراطية حقاً حتى نستحقها؟..لماذا عليّ أن أشتم من ينتصر عليّ؟ ولماذا عليّ أن أسحق واهين من انتصرت عليه؟..ما دامت البرامج كلها تسعى لخدمة أبناء القطاع وخدمة الوطن..من يظفر بالأغلبية فهنيئاً له بهذه الثقة،ومن يخسر الأغلبية فالجولات قادمة ..
رأسا القائمتين كانا وما زالا في قمة الاحترام والعقلانية والرقي ونموذجاً وطنياً رائعاً ، المشكلة بالمتحمّسين و”المطفيين” و”العابرين” و”العابثين” وجمهور الشاشات المعبأ مسبقاً الذي يملك جاهزية عالية لتخوين وشتم وإهانة وإقصاء ونحر كل من يخالفه، يرفض الهزيمة الخارجية ويرضى بمنتهى الإذلال بهزيمته الداخلية تجاه حقوقه كمواطن وكإنسان، يفرح بانتصار خارجي،وهو مهزوم مأزوم من الداخل من كل قوى الفساد وهرمها المتنامي..محترفون بمعاركنا الأفقية التي لا بأس إن استخدمت بها كل أسلحة السباب والقذف والإهانات والتحقير،لكننا جبناء جداً في رفع الرؤوس!.
لن نكون على ما يرام إذا بقينا لا نجيد ممارسة الثقافات الأربعة فعلاً لا قولاً أو تنظيراً وأنا أولّكم..
ثقافة الحوار : أرضها عقل وسماؤها احترام ، فلا نلجأ الى شتيمة او شخصنة مهما تباعدت وجهات النظر . ثقافة الاختلاف: نحترم الرأي الآخر، المعتقد، التوجه، والاختلاف لكن هذا لا يعني ان أصنع منك عدواً او شيطاناً أرجمه كل صباح ، ثقافة الهزيمة: أن نقرّ بها كنتيجة منطقية في التنافس الحرّ، وكنتيجة حتمية للاجتهاد من عدمه ، لكننا للأسف نكابر على أن نعترف ،لا نقر بها ،أو نصدّقها، او نحترمها ، نخلق الف سبب لخسارتنا ولا نعترف بسبب داخلي صغير يتعلّق فينا نحن. “ثقافة الهزيمة” غائبة ومغتالة في دواخلنا ابتداء بمباريات كرة القدم وانتهاء بالانتخابات الكبرى ..
ثقافة الاعتذار: ثقيل ثقيل علينا كلام الاعتذار والاعتراف بالخطأ ،وكأنه انتقاص من الذات او تصغير لها، رغم أن الإعتذار كمال للذات وتكريم لها..لأنك تقرّ ضمناً انك بشر ولست إله وهنا يكمن كمال فكرك وسلامة فطرتك!.

ومع كل هذا ، لا اخفي خيبة أملي..

مقالات ذات صلة