وصفة ترضي الجميع …جمانة غنيمات
تتحضرُ الحكومةُ اليومَ لتمرير قانون جديد لضريبة الدخل. حكومة الملقي بدأت الحديث عن وضع التشريع قبل أكثر من عام، لكن الخطوة تأخرت لسبب أو لآخر، وفي هذه الزاوية كتبت قبل نحو عام مقالين تحت عنوان “لن يمر”، لما له من آثار سلبية على الطبقة الوسطى.
المهتمون بالقانون ينتظرون التفاصيل لمعرفة ما تفكّرُ به الحكومةُ، خصوصا أنه تشريع يمس حياة الأردنيين، كما أنه يجني جزءا جديدا من مداخيلهم للضريبة.
الحكومةُ تمضي بالقول إن ضريبة الدخل هي ضريبة المواطنة، وهذا صحيح، لذلك تجد العديد من الدول، ومنها دول خليجية، ترتكز على ضريبة المبيعات لتحصيل إيراداتها المحلية من المقيم عندها، فيما تنأى بنفسها عن فرض ضرائب دخل على الأجانب، لأن مفهومَ ضريبة الدخل يعني مواطنةً ويعني حقوقاً يتحصّل عليها الفرد من تسديد ضريبة الدخل.
هناك عنوانان للقانون الجديد؛ الشق الأول، وهو ما ينتظره الكل، يتعلق بالضريبة على الأسر والأفراد. الهدف من المقترح الجديد توسيع الشريحة التي تسدد ضريبة الدخل، خصوصا أن 95 % من الأردنيين لا يدفعون الضريبة كما تقول الحكومة، فالإعفاءات الممنوحة حاليا تبلغ 24 ألف دينار للأسرة، و12 ألفا للفرد سنويا، مضافا إليها إعفاءات فواتير بقيمة 4 آلاف دينار.
الحكومة تفكر بتخفيض الإعفاء ليصل 16 ألفا للأسرة و8 آلاف للفرد، بحيث تنخفض نسبة من لا يدفعون الضريبة إلى 87 % بينما ستلغى الإعفاءات الإضافية.
ليس هذا التعديل الوحيد المقترح، بل ستتضمن التعديلات تغيير نسب الضريبة المفروضة على الشرائح، مراعية مبدأ التصاعدية، وسيصبح لدينا خمس شرائح دخل بدلا من ثلاث مطبقة اليوم تماشيا مع الدستور، كما ستتغير النسبُ على الشرائح.
المشكل في حجم النسب أنها تضع أعباء على شريحتين؛ الأولى الطبقة المتوسطة التي يتراوح دخلها بين 1330-2000 دينار شهريا، فهذه ستدفع ضريبة دخل بعد إقرار القانون الجديد، ولهذا تبعات حساسة وخطيرة على هذه الفئة، وربما تحتاج معاملة خاصة وبعض إعادة نظر حتى لا يُقسى عليها كما كل مرة.
والثانية أصحاب المداخيل العالية التي تزيد على 36 ألف دينار سنويا. وبصراحة هذه الفئة تملك القدرة على التحمل أكثر من الأولى، لكن ذلك لا يعفي من القول إن الزيادة المفروضة على هذه الشريحة مرتفعة جدا، وتبلغ 25 % من الدخل المتأتي سنويا، إذ تجدر الإشارة إلى أن هذه الفئة لا تستفيد بالمطلق من الخدمات الحكومية سواء التعليم أو الصحة لتراجع مستواها، ما يتطلب التوازن بين الضريبة وما يستفيده الفرد من الخدمات الأساسية الحكومية.
تقييم التعديلات المقترحة متفاوت بين الإيجابي والسلبي؛ فأن تتسعَ الشرائحُ هو أمر صحي رغم أن التوسع كان مبالغا فيه.
بالعودة إلى الشريحة التي تدفع ضريبة للمرة الأولى ودخلها بين 1330 -2000 دينار شهريا، فهذه تحتاج معاملة خاصة، إذ يمكن، مثلا، إخضاعها لنسبة 5 % من الضريبة، بحيث تكون قيمة الضريبة المستحقة عليها قليلة ومحتملة.
كما يمكن وبدلا من تخفيض الإعفاء لغاية 16 ألفا للأسرة مرة واحدة أن يتم اللجوء إلى التدرج بالقصة داخل نصوص القانون نفسه، حتى لا نضطر لتعديل القانون مرة أخرى.
القصد؛ أنه كان من الممكن أن تتدرج الحكومة بالتوسع بالشرائح، فتشمل في العام 2019 من يزيد دخله على 20 ألف دينار سنويا للأسرة، وأن ينخفض في 2020 ليشمل من يزيد دخله على 18 ألفا سنويا، وفِي العام 2021 تشمل الشريحة التي يزيد دخلها على 16 ألف دينار، وهكذا، حتى تصبح نسبةُ دافعي ضريبة الدخل من الأردنيين منسجمةً مع المعايير الدوليةِ.