جغرافيا شريرة

سميح المعايطة

حرير- من بيده مفاتيح الإقليم الذي نحن جزء منه لا يذهب خطوة إلى الأمام لحل أي ملف من الملفات الكبرى، والكارثة أننا في الأردن ندفع منذ قيام الإمارة وحتى اليوم أثمانا كبيرة لكل أزمة تظهر حولنا، بل وتتحول تلك الأثمان إلى جزء من تركيبة الدولة بدل أن تكون أثمانا مؤقتة ندفعها ثم تذهب بعد أن يأتي حل أو حتى نصف حلا لأي أزمة.

على حدودنا الغربية فلسطين والاحتلال الذي يذهب بسرعة وبمساعدة عملية من سلطتي رام الله وغزة، أيا كانت النوايا يذهب الاحتلال إلى مرحلة اللاحل لأكبر وأصعب قضية في العالم، وغياب الحل يعني أن علينا في الأردن – كما يعمل البعض – أن ندفع ثمن هذا فلا دولة فلسطينية ولا حق العودة ولا أي حق إلا سلطة تتغير مساحتها كل يوم بسبب الاستيطان.

جبهة مفتوحة على حدودنا الغربية مع حقيقة لم تغيرها معاهدة السلام وهي أن سياسة إسرائيل تجاه القضية الفلسطينية تجعل من إسرائيل عدوا مركزيا للأردن حتى وإن كان هناك تعاون في بعض المجالات، لكن عندما تبقي إسرائيل على القضية الفلسطينية بلا حل فهذا قد يعني في لحظة ما أننا من سيكون الحل في تفكير البعض أي أننا نخوض معركة أن يكون الحل على حساب المحتل وليس نحن.

وعلى حدودنا الشمالية القضية السورية حيث النظام السوري الذي ما يزال مسكونا بالفوقية والقناعة انه حقق النصر حتى وشعبه في أصعب الظروف، وحتى لو كان الثمن تقاسم ايران وروسيا وتركيا وأمريكا أجزاء مهمة من سورية، سورية بلا حل، فلا سقوط النظام يخدمنا لأن سورية تذهب للفوضى والتقسيم ولا انتصاره على المعارضة المسلحة فتح أبوابا للحل الحقيقي، فاليوم سورية مصدر قلق حيث ميليشيات ايران في جنوبها والحرس الثوري في كل مكان في سورية، والمخدرات قصة كل يوم، فلا سورية مستقرة ولا هي قادرة على ضبط حدودها ولا هي متواضعة لمن يحاولون مساعدتها لتعود للعالم وتزيل عن كاهلها العقوبات.

وعلى حدودنا الشرقية العراق البلد صاحب الجرح المفتوح منذ اكثر من أربعين عاما من الحروب والحصار والاحتلال ثم عصر الميليشيات في خط مواز لدولة لم تعد أركانها كما كانت، والأردن مطالب بالحفاظ على مصالحه وان يحاول مساعدة جيرانه، فاقترب الأردن ولقي منصفين ومقدرين لجهده، لكنه وجد أيضا بعضا من القوى التي غلبت عليها ولاءاتها لإيران وللفقيه وتحاول ما استطاعت أن تأخذ العراق بعيدا عن الأردن والعرب، لكن ما خلفه جرح العراق وازمته هجرتين من الأشقاء عام 1990 وأخرى عام 2003، وزادت منها حالة العراق الأمنية التي ما تزال لم تصل إلى نهايتها.

وإذا عدنا لإسرائيل فإن جزءا مما تستهدف به الأردن نتيجة إصراره على وجود حل حقيقي للقضية الفلسطينية أنها تعمل على اصطياد أي علاقة مع أي دولة في إقليمنا، فهذا كما تريده يصنع مصالح ثنائية بينها وبين كل دولة مع صوت خافت لإنصاف الفلسطينيين وهذا تراه إسرائيل إضعاف لموقف الأردن.

أحيانا يكون إقليمنا ملتهبا لكن الأخطر أن تكون الأزمات حولنا بلا حلول ويكون علينا إما أن نكون في الأردن الحل كما هي قضية فلسطين أو ندفع ثمنا بلا نهاية لأزمات لا يريد أهلها حلا حقيقيا لها.

وحولنا في هذا الإقليم من يشغله ليلا ونهارا كيف يصنع استنزافا سياسيا للأردن، ومن يزعجه أن يكون الأردن واقفا على قدميه رغم الأزمات.

إقليم وجوار لا تتوقف الأزمات والحروب فيه، ونحن في هذا البلد علينا أن نتعامل مع أزمات بلا حلول، وعلاقات ظاهرها غير باطنها، واحتلال يريد العرب أصدقاء دون أن يقدم شيئا للفلسطينيين وهذا يصنع قلقا دائما يحاول البعض استعماله، وجوار تتعمق فيه الفوضى.

مقالات ذات صلة