مخاوف من وصول مرض التنين الأصفر للشرق الأوسط
مرض التنين الأصفر مرض يصيب مزارع الحمضيات ويقتل أشجارها عبر بكتيريا تقوم بسد أنظمتها الدورانية مما يجعل الثمار تسقط قبل اكتمال نموها ونضجها .
ويقول الباحثون الزراعيون في المتوسط إنهم دقوا منذ سنوات عديدة ناقوس الخطر بشأن إمكانية وصول مرض “التنين الأصفر” إلى المنطقة المتوسطية بعد انتشاره في مناطق كثيرة وأصبح أشد أعداء مزارع الحمضيات خطرا في العالم كله.
رغم أن بلدان المنطقة المتوسطية قادرة على استغلال أزمة عصير البرتقال الأمريكي الحالية بسبب مرض ” التنين الأصفر” لمحاولة اكتساح أسواق جديدة، فإنها ليست مُحصنة ضد هذا المرض الذي اكتُشف لأول مرة في مزارع الحمضيات الهندية خلال القرن السابع عشر، ولكنه بدأ يكتسح بشكل تدريجي وبطيء غالبية مناطق العالم الأخرى .
وينصح خبراء الزراعة البلدان المتوسطية بأن تكون شريكا فاعلا في الحرب العالمية التي يدعون لشنها على ” مرض التنين الأصفر” عبر توحيد الموارد المالية والبشرية والمعارف العلمية والتكنولوجية القديمة والحديثة لتسجيل اختراق هام في صفوف العدو.
وهناك فعلا مخاوف حقيقية من أن يصل المرض إلى المنطقة المتوسطية التي تؤمن 70 في المائة من صادرات البرتقال والليمون في العالم مقابل 21 في المائة في ما يتعلق بعصائرهما. وفي فرنسا يبدو كثير من الباحثين متشائمين حول هذا الموضوع منهم إيريك إمبير المتخصص في الحمضيات في مركز التعاون الدولي حول البحوث الزراعية من أجل التنمية والمعروف باسم ” سيراد”. ويقول هذا الأخير إن باحثي المنطقة المتوسطية برمتهم كانوا قد دقوا ناقوس الخطر منذ سنوات عديدة بشأن إمكانية وصول المرض إلى المنطقة. ويضيف قائلا منتقدا بشكل خاص بلدان المتوسط الشمالية: ” لدينا إحساس بأننا ننفخ في الرماد”.
هل يختفي عصير البرتقال؟
وبرغم ملايين الدولارات التي خصصتها الولايات المتحدة الأمريكية خلال السنوات الأخيرة لمحاولة التصدي لمرض ” التنين الأصفر “، فإن آخر التقارير الأمريكية حول الخسائر الاقتصادية التي ألحقها المرض بإنتاج البرتقال الأمريكي لاسيما في ولاية فلوريدا ينذر بالخطر، ويشرع طرح سؤال يمكن صياغته كما يلي: ” هل يختفي عصير البرتقال عما قريب بسبب حشرة صغيرة الحجم تنقل بكتيريا إلى أشجار البرتقال فتسقط ثمارها قبل أن تينع.
وزارة الزراعة الأمريكية تؤكد سنة بعد أخرى انخفاض محاصيل الحمضيات في ولاية فلوريدا بشكل مستمر منذ قرابة ثلاثة عقود بسبب هذا المرض. ولوحظ في الوقت ذاته أن مزارعين أمريكيين كثيرين مختصين في زراعة الحمضيات أصبحوا عاجزين عن ممارسة أنشطتهم لأنهم يؤكدون أن كل الجهود التي قاموا بها في السنوات الأخيرة للحيلولة دون تفشي المرض قد فشلت فشلا ذريعا وأن خسائرهم الاقتصادية لا يمكن أن تعوضها المساعدات التي يحصلون عليها.
وقد نشرت أكاديمية العلوم الأمريكية في شهر أبريل –نيسان عام 2018 نتائج دراسة تبين أنه ليس ثمة أمل على المدى القريب في التوصل إلى معالجة هذا المرض. ودعا واضعوها لاستخلاص دروس من تجربة نجحت في جزيرة ” لاريونيون ” الفرنسية الواقعة في المحيط الهندي تمثلت في تخلي مزارعي أشجار الحمضيات تماما عن الأماكن التي تفشى فيها “التنين الأصفر” وزرع أشجار البرتقال في المرتفعات.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد استقدمت دبابير خلال السنوات العشر الأخيرة من باكستان لاستخدامها في التصدي عبر طريقة المقاومة الحيوية للحشرات التي تنقل ” مرض التنين الأصفر” إلى أشجار البرتقال الأمريكية. كما استخدمت المبيدات الكيميائية لمحاولة القضاء على المرض. ولكن الأمر لم يجد نفعا.
ويرى خبراء زراعيون اليوم أن المنهجية الأسلم والأكثر نجاعة لمحاربة المرض تمر عبر وضع استراتيجية عالمية تبدأ صياغتها باستخلاص كل الدروس من التجارب التي استُخدمت حتى الآن للتصدي له لاسيما في البلدان المهمة المنتجة للحمضيات وهي البرازيل والولايات المتحدة الأمريكية والهند وباكستان وجنوب إفريقيا.