اخيرا العراق بريئة ، فمن ينصف القتلى

صالح الراشد

أخيراً أعلنت الحكومة الأميركية عبر رئيسها ترامب عن براءة العراق من تهمة إمتلاك أسلحة الدمار الشامل، وقال ترامب “خضنا الحرب في العراق تحت ذريعة باطلة تم دحضها، وكان هذا القرار الأسوأ في تاريخنا، ونحن بصدد إعادة جنودنا الى البلاد”، ولحق بذلك برئيس وزراء بريطانيا توني بلير الذي صرح في أكثر من محفل بأن قواتهم خاضت الحرب في العراق بناءاً على معلومات خاطئة، ولم يكن العراق يمتلك أسلحة الدمار الشامل، مما يعني ان الولايات المتحدة وحلفائهم دمروا العراق وأعادوه الى عصر ما قبل التاريخ دون سبب، بل جاء بسبب فكر عنصري مبني على عنصرية دينية.

ثمار هذه الحرب كانت الأسوأ في تاريخ الحروب في العالم حيث قتل فيها وما بعدها أكثر من مليوني عراقي، وتشريد ضعف هذا الرقم، وترفض الحكومة العراقية بضغط أميركي بريطاني التصريح عن العدد الحقيقي للقتلى وعدد حالات السرطان بسبب الأسلحة الأميركية التي تم استخدامها في العراق، وهذا العدد لا يقل عن عدد الهنود الحمر الذين قتلهم البريطانيون والمنفيين من أوروبا في أميركا لتأسيس الولايات المتحدة، وبالتالي فان القتل والإجرام يسري في هذه الدماء.

المصيبة ان ترامب وبلير لم يعتذرا عن أفعال بلادهم الإجرامية بحق العراق وشعبه ، بل لم يُظهرا تعاطفهما مع الضحايا وعائلاتهم، مما يُشير بوضوح الى أن الدولتين لا تشعران بتأنيب الضمير على فعلهما بتدمير دولة وتشريد أهلها، وسبب ذلك أنهم يدركون أن المستفيد من دمار العراق هما الكيان الصهيوني الابن غير الشرعي وإيران الحليف السري الهام لدول القتل والدمار ، لقد كنا بإنتظار الإعتذار حتى نطالب كعرب بتعويض ذوي القتلى تعادل ما حصلت عليه عائلات القتلى في حادث لوكيربي، لأن العمليتين إجراميتين متشابهتين مما يعني ان الضحايا متساويين، وحصلت كل عائلة من قتلى لوكيربي على عشرة ملايين دولار، وهذا يعني أن على الولايات المتحدة وبريطانيا دفع عشرين بليار، وهو مبلغ تعجز عنه الدولتان، ويضاف اليه حجم الدمار الذي أصاب العراق والتراجع العلمي والفكري والتعليمي وسرقة نفط وذهب وأموال العراق، وهذا يشير الى أن الخطيئة التي ارتكبتها الدولتان أكبر من أن تُغتفر.

ولا تزال المصائب تحيط بأبناء العراق من كل جانب ورغم ذلك لا تتحرك الولايات المتحدة للمطالبة بتوفير الديموقراطية والحرية للعراقيين، فبلاد مابين النهرين حالياً غير قادرة على تهديد الكيان الصهيوني، لذا فقد أصبحت خارج حسابات دول التحالف الدولي، أما من قتلوا فهم خسائر حرب خاطئة دفعوا أرواحهم بسبب خطأ حسابي بسيط، هذه هي الحضارة الجديدة والتي تُبيح قتل الآخر والتنكيل به وسرقته، وللأسف لقد أثبت هذه القيادات بأنهم قطاع طرق وليسوا قادة دول وتبين أن جيوش هذه الدول لصوص ليل وليسوا صُناع تحرير، فمن يقتل مليوني إنسان ويُسلم دولة الى دولة مجاورة ذات فكر عقائدي عنصري هو أكثر إجرامية من أي مخلوق على الأرض، لكنه يبقى الوحيد المستفيد من هذه المعادلة حيث يظل الخليج مشتعلاً وهو المهيمن.

 

 

مقالات ذات صلة