هل لدينا معارضة خارجية..؟… حسين الرواشدة

هل يوجد لدينا معارضة في الخارج..ام ان لدينا مواطنون اردنيون يعارضون من الخارج..؟
تحتاج الاجابة عن هذا السؤال الى التذكير بمسألتين : الاولى ان الاردن تاريخيا لم يشهد وجود معارضة خارجية منذ تأسيسه، صحيح ان بعض الاردنيين خرجوا غاضبين من بلدهم في فترات مختلفة، وانضم بعضهم الى تنظيمات او تعاطفوا مع انظمة كان لها مواقف عدائية من الاردن، لكنهم لم ينتظموا في اطار معارض واحد او يشكلوا مجموعات معارضة منظمة، وبعد ان كانوا يمارسون انتقادهم للاوضاع السياسية من البلاد التي هاجروا اليها عادوا للاردن، بعضهم بقى معارضا فيما اندمج الاخرون في العملية السياسة وتبؤوا مواقع في السلطة.
اما الملاحظة الاخرى فهي ان طبيعة النظام السياسي الاردني تتناقض تماما مع امكانية ( مشروعية : ان شئت ) تشكيل اي معارضة منظمة في الخارج، ليس فقط لان مساحة الحريات الكفيلة بممارسة المعارضة من الداخل متاحة الى درجة ما، او لان «الاعراف « السياسية والاجتماعية ترفض وجود مثل هذه المعارضة التي غالبا ما تفتح الذاكرة الشعبية على فكرة الاستقواء بالاجنبي، وعلى تجارب مشبوهة لمعارضات اخرى ركبت على موجة الاخر فقادت اوطانها الى الدمار، وانما ايضا لان قيم الدولة الاردنية وطبيعة النظام السياسي الاردني تتسم في علاقتها مع المعارضة في الداخل بالمرونة والسماحة والاعتدال مما ينزع عن اية معارضة قد تتشكل خارجيا مستلزمات مشروعيتها وصدقيتها، وتفقدها اي تعاطف لدى الاردنيين.
اذا اتفقنا على ذلك، فان ما نسمعه من بعض الاردنيين الذين يقيمون في الخارج، سواء على وسائل التواصل الاجتماعي او المنصات الاعلامية والسياسية، لا يخرج عن اطار « التعبير عن الرأي، يمكن بالطبع ان نختلف معه او نشكك فيما يطرحه من معلومات، او ربما نتفق معها ونتناقش حولها، كما يمكن ان نصنف هؤلاء على مسطرة المصداقية والمصلحة الوطنية لكن دون اي تعميم، بمعنى اخر لدينا اردنيون يعارضون السياسات الحكومية من الخارج، لكنهم يتحدثون – في الغالب من داخل الدولة -، كما ان لدينا مواطنون اردنيون يعارضون هذه السياسات من الداخل، سواء عبر منصات الاعلام او في ساحات الاحتجاج، او من خلال الاحزاب والبرلمان، الفارق ان هؤلاء الذين يقيمون في الخارج قد تصلهم معلومات او تسريبات من مصادر مختلفة ( لا نعرفها) تتيح لهم انتزاع اهتمام الجمهور الذي يبحث في العادة عن اية معلومة جديدة تتعلق بالشأن العام، فيما لا يمتلك من يعارض من الداخل هذه الميزة، وان امتلكها احيانا فانه لا يستطيع ان يتصرف بها او يستخدمها بحرية، الا اذا كان لديه ما يلزم من صلاحيات تمكنه من فعل ذلك.
لا يجوز لاحد ان يشكك في وطنية اي اردني لمجرد انه عارض السياسات الحكومية، فهذا حق مشروع دستوريا واخلاقيا، لكن لا بد من التدقيق فيما يصلنا من معلومات، وفي المصادر التي تسربها، كما لا بد من الانتباه الى ما تحمله بعض هذه الاخبار من «اجندات» لفهمها والتعامل معها بوعي، ولكي نفوت الفرصة على مثل هذه «الزخ» الاعلامي الذي يحاول ارباك او تشتيت الرأي العام، اوالذي يمتطي اصحابة مركب المعارضة بالنيابة عن «القوى» التي تتصارع على مصالحها، يفترض ان يكون لدينا خطة اعلامية ذكية، تتولى مهمة تصحيح ما يصلنا من معلومات والرد عليها، ناهيك عن فتح قنوات تدفق المعلومات امام الجمهور، اضافة الى تقديم الرواية الرسمية للدولة بشفافية وبسرعة بصورة مقنعة، وذلك لاستعادة ثقة الناس بمؤسساتهم، وملء الفراغ الذي تتسلل اليه الاخبار والمعلومات الوافدة من مصادر خارجية معروفة او مجهولة.

مقالات ذات صلة