قناة بن غورين .. تداعيات خطيرة إذا لم نوقف تنفيذها

حاتم الكسواني

لا يخفى على اي مطلع مستنير جدية الأطماع الصهيوامريكية المعلنة بشق قناة بين البحر الأبيض المتوسط وإيلات على مدخل خليج العقبة كقناة بديلة لقناة السويس ، والتي مهد لها سابقا بنقل  مصر بطريقة محيرة تبعية جزيرتي صنافير وتيران إلى المملكة العربية السعودية ، و هما جزيرتان تقعان في مدخل مضيق تيران الذي يفصل خليج العقبة عن البحر الأحمر .

ووفق قانون الملاحة الدولي لا تستطيع اي من مصر أو السعودية منع مرور السفن من مضيق تيران بإعتبارهما تقعان بين شواطئ دولتين هما مصر العربية و العربية السعودية وبذلك تصنف مياههما مياه دولية ،  أما لوبقيت الجزيرتان في تبعيتهما لمصر لكانت مصر تستطيع منع الملاحة في مضيق تيران إلا بإذنها لأن مضيق تيران حينها يقع بين اراض مصرية خالصة هما الجزيرتان وشواطئ سيناء المصرية على البحر الأحمر  .

ووفقا لحدسنا فإن تنفيذ هذا المشروع قادم لا محالة إذا لم يتم منعه،  وهو ينطوي على مخاطر جمة على دول حوض البحر الأحمر العربية على وجه الخصوص  وكافة دول الأمة عامة  .

ولعل أبرز هذه المخاطر ستصيب جمهورية مصر العربية ، لأن هذه القناة ستسحب البساط من تحت قدمي قناة السويس التي تحقق دخلا إقتصاديا اساسيا لموازنة الدولة المصرية  ،فوفق تصريحات وزير المالية المصري الدكتور محمد معيط فإن قناة السويس وفرت لمصر دخلا قدره  9.4 مليار دولار فى العام المالى الماضى  2023/2022 مقارنة بـ7 مليارات دولار فى العام المالى 2021/ 2022 ، وبذا تكون مصر بعدم تدخلها لمنع تنفيذ هذا المشروع تقوم بإنتحار إقتصادي يرافقه مخاطر تقليص حصة مصر من مياه النيل الذي سيلحق ضرارا بالغا على قطاعي الزراعة وتوفر مياه الشرب والإستخدامات العامة للمياه النقية في جمهورية مصر العربية الشقيقة  .

اما الأردن فإنه سيعاني من ذَوىَ مدينة العقبة نظرا لأن مرور العدد الكبير من البواخر في المياه الإسرائيلية أمامها سيخلق نوعا من الإزعاج في منطقة خليج العقبة الضيقة يؤدي إلى تراجع جاذبية مشاريعها ومرافقها السياحية التي بذل الأردن الكثير من أجل جذبها ، كما صرف الكثير لتأسيسها ، حيث ستلوث حركة البواخر ومخلفاتها مياه الخليج وستدمر بيئته وستشكل خطرا على كنوزه من الشعاب المرجانية والأحياء المائية  والكنوز البحرية … ناهيك عن أن الأردن لن يستفيد من الحراك الإقتصادي النشط الذي ستحدثه القناة في الخليج بل سيكتفي بالخسارة ولعب دور المتفرج.

وبالنسبة للسعودية فإنها ستجد نفسها في مواجهة العدو الصهيوني وإن  طبعت معه ، و إن عقدت الإتفاقيات ، لأن طبيعته أنه لايوفي بالعهود ولا يحترم الإتفاقيات ، بل أنه لا يخفي اطماعه بالوصول إلى الأراضي السعودية التي مهد تزويرا بأن وجودا كان له في مدائن صالح والبتراء الأردنية  لا سيما في ظل محاولاته  التشكيك في عروبة الأنباط الذين سكنوا وأقاموا حضارة زاهرة في هذه المنطقة والإدعاء بأنهم ينتمون إلى العبرانيين ، وكذلك اطماعه التي يجهر بها  بالعودة إلى خيبر  في المملكة العربية السعودية ، ففي يوم احتلال القدس في حزيران 1967، صرّح وزير دفاع إسرائيل موشي ديان علانية بقوله:” لقد وصلنا أورشليم، هذا هو يوم خيبر.. ونحن في الطريق إليها”…. ناهيك عن أن السعودية لم تكن يوما في تماس حدودي مع إسرائيل حيث فصلها الأردن عنها طوال السنين والآن بعدم نصرتها لغزة ستضع نفسها في مواجهة الكيان الصهيوني وجهًا لوجه .

ومجمل القول فإن مشروع قناة بن غوريون سيقوي إسرائيل فهي ستشكل فاصلا طبيعيا عن اراضي غزة بعد أن تكون قد رتبت أوضاع غزة على مقاسها وستؤسس على طرفي القناة في اراضيها مؤسسات ومشاريع سياحية وإقتصادية ترفد إقتصادها وتحول الحراك السياحي في المنطقة إليها بعد سحب البساط من تحت قدمي مدينة العقبة ونويبع وطابة المصريتين ومدن سياحية سعودية  .

ولكن يبقى الأمل بالله  وبنضالات الشعب الفلسطيني ومقاومته الغراء في غزة اولا  ” بأن لاتهزم غزة وأن تنتصر ”  ومن ثم أن تعطل اليمن هذا المشروع بضرب كل البواخر التي تمر من قناة بن غوريون مستقبلا إلا إذا سبقونا ومهدوا له بإضعاف اليمن أو تدميره كما دمروا غزة  .

 

مقالات ذات صلة