
شو ناقصنا؟.. أحمد حسن الزعبي
“نوربرت لابرت”: ليس اسم جنيّ يستخدم لجلب الحظ ولا لتفريق الأزواج ،ولا لتقريب الحبيب، كما أنه ليس منتج لتبييض الأسنان ، إنه رئيس البرلمان الألماني..
بعضكم شاهد المقطع على “اليوتيوب”، كانت إحدى النوّاب الألمانيات تقف على المنصّة وتلقي كلمتها المعتادة أمام البرلمانيين ، في تلك الأثناء انشغلت السيدة العظيمة ” انغيلا ميركل” بالكلام مع احد النواب أو الوزراء – لا نعرفه بالضبط- بحديث جانبي ، نبهها السيد المحترم “نوربرت لابرت” على تصرّفها الخاطىء، اعتذرت، ثم بعد ثوان عادت للحديث الجانبي ، تدخل رئيس البرلمان ثانية وطرد المستشارة الألمانية رأس الدولة وصاحبة القرار والسيدة الأولى والأخيرة من المجلس وطلب منها الجلوس في آخر الصفوف بكلمات صارمة وجادة، انصاعت المستشارة “ميركل” لطلب رئيس البرلمان ، انحنت له معتذرة عن تصرّفها ثم غادرت الصفوف الأولى لتجلس في آخر صف في القاعة وتكمل حديثها الذي على ما يبدو هام ولا يقبل التأجيل ولا يقل أهمية عن كلمة السيدة التي تقطّعت كلمتها مرتين بسبب “الستّ”.
موقف من دقيقتين يعطينا دروساً ثقيلة ومهمة ، لا بل “يمعطنا” صفعة ع “النيع” تبقى ترنّ في الأذن طويلاً..موقف بسيط ،يرينا كيف وصلت هذه الأمم إلى ما وصلت إليه عندما تخلّصت من قدسية الفرد !!
كيف وصلت إلى ما وصلت إليه عندما وضعت القانون فوق رؤوس الجميع !! كيف وصلت إلى ما وصلت إليه عندما يكون رئيس البرلمان يمثّل الشعب ويحكم باسم الشعب ويحاكم باسم الشعب..لأن الشعب مصدر السلطات وهو السلطة الأولى في الدولة ، وحتى لو كان الشعب مشغولاً في وظيفته ورزقه وانتاجه الدؤوب فهو يعرف تماماً أن من يمثّله هناك في مبنى البرلمان يمثّله خير تمثيل ويدافع عنه خير دفاع ويحصّل حقوقه كاملة ولا “يسمسر” ولا “يكمشن” من ورائه..
وعندما يكون رئيس البرلمان حصل على ثقة الشعب عن جدارة واستحقاق لا بالدفع الآلي والرباعي ، حتماً سيطبّق القانون ، ولن يخضع لأحد أو يجامل أحد ، سواء أكان المعتدي على القانون موظف بسيط أو رئيس دولة أو سيدة البلاد الأولى “ميركل” ..عندما يكون البرلماني ممتلئاً من الداخل ليس بحاجة الى منفاخ أو “تعيير”ولاء عند بنشرجي السلطة..
صدقوني منذ شهور، كل يوم لا أنام الا بعد أن أتناول مضاد اكتئاب وحبة اسبرين وأضع موسيقى هادئة تحاول أن تفكك أعصابي المشدودة واحباطاتي العميقة العميقة..ويبقى السؤال شو ناقصنا لنصير مثلهم؟؟
ناقصنا لنصير مثلهم..ان نؤمن بأننا الصفحة ولسنا الهامش..
عندما نؤمن اننا كل شيء وهم بعض الشيء..نصير مثلهم..