هل نحن جاهزون؟.. أحمد حسن الزعبي

قبل أن ينفك الحديث عمّا وقع ، وتبردُ الكراسي تحت أصحابها ، ويلتهي الناس بحديث آخر، وبقصة جديدة لا ندري متى تنبت وكيف تنبت وعن من تنبت…لا بدّ أن نسأل أنفسنا بكل صراحة، بعيداً عن الاستعراض الإعلامي ، و”اللهمدة” الإدارية ،هل نحن جاهزون حقاً؟؟..هل المؤسسات بإداراتها وكوادرها ومعدّاتها الحالية قادرة على التعامل مع حوادث الطوارىء؟. هل ما رأيناه في اليومين الماضيين هو أفضل ما يمكن أن يقدّم..؟؟ هل من يرأسون هذه المؤسسات هم الأكفأ.. ؟ أم أن السيل جرف الهالة عنهم وتركهم عراة يتقاذفون كرة المسؤولية فيما بينهم.. ؟
**

ما زال إيماننا المطلق أن ما جري مرشّح أن يجري في أي دولة في العالم، لكن في نفس الوقت ما جرى كشف عن وهن في الاستعداد، وبدائية في المعدات ، وضعف مع التعاطي مع الكارثة ، وعدم إتقان عمل، لا بل غياب التخصص في كثير من الأحيان..وتخبط في الموقف الرسمي مع كل محاولات “اللملمة”..

وعودة إلى السؤال الأول ، هل نحن جاهزون؟؟
الجواب أبداً نحن غير جاهزين حتى لمنخفض قطبي قد يحط رحاله بعد شهر أو شهرين في شوارع العاصمة ، نحن غير جاهزين لانهيار جزئي في جبل على طريق عمان جرش ، نحن لسنا جاهزين لزخة مطرية تدوم نصف ساعة ، فتغرق شوارع عمّان كلها ،وتفيض المناهل ، وتدب أزمات السير في الشوارع فور نزول أول “ابريق ماء” من السماء..ولولا حدوث كارثة البحر الميت يوم الخميس الماضي، لكان حديث الناس كل الناس اليوم عمّا جرى في عمان ظهيرة يوم الخميس حيث اختنقت الشوارع وتعطّلت الحياة ،وتوقف السير..
لمَ يحدث كل هذا..الجواب لأن أموال الدولة تذهب في غير مكانها،تصرف على الــ”كوزماتيكس” أكثر من الصرف على أجهزة الدولة الحيوية التي تبقيها حية ، هناك اتكاء مبالغ فيه على البنية التحتية التي كانت تخدم ثلاثة ملايين مواطن هم سكان الأردن ، لتخدم الان عشرة ملايين مواطن ومقيم على أرض المملكة ، البنية التحتية لم تعد تحتمل هذا الضغط الكبير ، والمخصصات اللازمة للمؤسسات الحيوية لم تعد تكفي رواتب للموظفين وما تبقى يصرف على خدمة الناس..الفساد أكل خبز الوطن كله،وترك الفتات لتعيش عليه خلايا الدولة الحية لتبقى على قيد الحياة لا أكثر…الفساد ساهم بإيصال مسؤولين يوضعون على رؤوس هذه المؤسسات يقبلون بالعوج ويرضون بالغلط ،ويسكتون عن التهاوي والخراب الداخلي مقابل شقفة “لقب”..
السيل لم يجرف طلابنا وأطفالنا وقلوبنا فقط..السيل جرف اعتقادنا وطمأنينتنا..ان مؤسساتنا قوية ومتماسكة…
للأسف لسنا كذلك..ولا بد من إعادة النظر وتقييم ما حدث..بعين المحايد ، لا بعين،المحابي.!

مقالات ذات صلة