ونجحت الإنسانية في إنهاء الحرب

خالد دلال

حرير- لم تكن لحرب الإبادة الإسرائيلية الدموية على غزة، وعلى مدار عامين، وبعد ما قدمه الشعب الفلسطيني من صمود ومقاومة وبطولة عز نظيرها، أن تضع أوزارها لولا ما مارسته الإنسانية من ضغوط غير مسبوقة في التاريخ، ومن مشرق الأرض إلى مغربها، حكومات وأفراد، وبمختلف الطرق من تضامن حكومي وشعبي، ومظاهرات، وأساطيل كسر حصار، وكراهية معلنة وعزلة دولية لإسرائيل، واعترافات دولية بالجملة بالدولة الفلسطينية وغير ذلك، ليصل سيد البيت الأبيض، الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إلى قناعة حتمية أن نهاية الحرب، والتي أضحت كلفتها السياسية والأخلاقية والقانونية على واشنطن هائلة، لن تكون إلا بإجبار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، كارها على ذلك. وقد فعل.

إنها القوة الأميركية، والتي لولاها ما صمدت إسرائيل، لا في حربها في غزة، ولا في حروبها العبثية الأخرى في المنطقة. وهي القوة الأميركية ذاتها التي أجبرت نتنياهو وقادة تل أبيب، رغم أنفهم، على قبول الإملاءات الأميركية بوقف الحرب.

وهذا يعني أن القرار الإسرائيلي مستقبلا سيكون مرهونا بالقبول أو الرفض الأميركي، وهو ما يفتح المجال أمام الدبلوماسية العربية مجتمعة، وفي ذلك قوتنا، لوضع المصالح العربية على طاولة العم سام، فيما يخص مستقبل المنطقة، وتحديدا عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، وملف التطبيع العربي – الإسرائيلي، أو ما يعرف بالاتفاقات الإبراهيمية.

وبوجود شخص نرجسي يعتلي سدة حكم البيت الأبيض في واشنطن، وهو ترامب، فإن لغة المصالح، لا الأيدولوجيات، هي ما سيطغى على دينامكيات القرار والفعل الأميركي.

وهذا يتطلب توافقا عربيا على مختلف سيناريوهات ما بعد حرب غزة، بحيث تكون الاستباقية في طرح المواقف نهج التعامل مع الإدارة الأميركية، التي يجب الحصول منها على ضمانات لضبط السلوك الإسرائيلي، خصوصا فيما يتعلق باحترام المواثيق، لا سيما وأن العقلية الصهيونية لا عهد لها تاريخيا.

أدركت واشنطن، ومن قبلها تل أبيب، استحالة الحسم العسكري الميداني وإخضاع حماس، إضافة إلى ما شعرت به الولايات المتحدة من عزلة في وجه إجماع عالمي ينادي بضرورة وقف الحرب، وهو ما أجبرها على إجبار إسرائيل القبول بمخرج سياسي يوازن مختلف الوقائع على الأرض.

عوامل عديدة ساهمت في نهاية حرب الصهاينة القتلة ضد الشعب الفلسطيني في غزة، ومنها، إضافة إلى ما تقدم، تنامي التكاتف العربي الإسلامي في وجه المشروع الصهيوني في المنطقة، وهو ما أحدث تحول في الفكر الترامبي في التعامل مع الحرب، لا سيما عندما لمس مشاعر خذلان حلفائه منه في المنطقة بعد الضربة الإسرائيلية على العاصمة القطرية، الدوحة، وهو ما دفعه إلى اتخاذ قرار صارم بوقف الحرب.

وفي كل ما تقدم، تبقى قوة العرب، في مسألة غزة وغيرها، في وحدة كلمتهم وقدرتهم على تقديم أنفسهم كقوة ردع موحدة في مواجهة مختلف الأخطار، وأهمها الخطر الصهيوني، والذي قد ينسف اتفاق وقف إطلاق النار بين ليلة وضحاها. فالشيطان، وكما يقول المثل العالمي، يكمن في التفاصيل. وتفاصيل الاتفاق معقدة في ثناياها، وقد يلعب شيطان نتنياهو لعبته لتقويض الاتفاق بعد تسلم الرهائن!

مقالات ذات صلة