حاتم الكسواني… مسيرة إعلامي آمن برسالة الكلمة ودور الإعلام التنموي

#اعلاميون_اردنيون

منذ أن تخرج من كلية الإعلام في جامعة القاهرة عام 1977، تخصص “إذاعة وتلفزيون”، وحاصل لاحقًا على درجة الماجستير في الإعلام من جامعة الشرق الأوسط عام 2008 ،كان حلم حاتم الكسواني أن يكون أحد الأصوات التي تساهم في صناعة وعي المجتمع الأردني، وتوثيق جهوده التنموية، ونقل هموم المواطن وقضاياه بصدق وأمانة. واليوم، وبعد أكثر من أربعة عقود في العمل الإعلامي، يظل اسمه حاضرًا بين الأسماء التي تركت بصمة واضحة في مسيرة الإذاعة والتلفزيون الأردني.

 

حين التحق الكسواني بالإذاعة الأردنية، كان أول اختبار له في قسم الأرشيف، ليغذي ذاكرته بالمعلومات حول الشؤون المحلية والعربية والدولية. لكن سرعان ما برزت طاقاته حين رشحه المذيع القدير ضياء سالم لإعداد برنامج “كل العلوم”، الذي كان من المقرر أن يُسند لمعد من القطاع الخاص. وهكذا، انطلقت خطواته الأولى في الإعداد، بينما تولى الزميل نشأت سلايطة تقديم البرنامج.

 

هذا النجاح فتح أمامه الباب للانضمام إلى أسرة البرنامج الأشهر “البث المباشر”، البرنامج الجماهيري الذي ارتبط به المستمع الأردني صباح كل يوم. وهناك، بدأت تتضح ملامح شخصيته الإعلامية الميدانية القريبة من الناس، فتم تكليفه لاحقًا بإعداد وتقديم برنامج “العمل والعمال” من قبل الأستاذ هاني فرحان، رئيس قسم البرامج الاقتصادية آنذاك، ليصبح هذا البرنامج واحدًا من أبرز برامجه وأكثرها تأثيرًا. فقد نقل عبره نبض مواقع العمل، وأصوات العمال، وأوجاعهم، وطموحاتهم، وعرف الناس من خلاله على الصناعات الوطنية بمختلف قطاعاتها.

 

لم يكن الكسواني مجرد مذيع يؤدي وظيفة، بل حمل قناعة راسخة بأن الإعلام يجب أن يكون تنمويًا في جوهره، يواكب مسيرة البناء الوطني. لذلك تنقل بين البرامج الجماهيرية مثل: البث المباشر، اللقاء المفتوح، مساء الخير من عمّان، وبين البرامج القطاعية: مع المواطن، الطلبة والعمال، صنع في الأردن، نحو الغد، قضايا اقتصادية، فرسان الإرادة، وأسواق.

 

وقد برز الكسواني في إعداد وتقديم برامج الليالي، التي تميزت بجولاتها الميدانية المباشرة والتواصل مع الناس في أماكن تواجدهم المختلفة، مثل برامج: ليالي رمضان، وليالي العيد، وليالي جرش، وليالي عمان، وغيرها

وقد امتد أثره إلى التلفزيون الأردني، حيث كُلّف بإنتاج تقارير إخبارية اقتصادية وعمالية، ليكرّس بذلك تخصصه في الإعلام العمالي والاقتصادي. وكانت تجربة برنامج “في مواقعهم” إحدى أبرز محطاته التلفزيونية، إذ تنقل بالكاميرا بين المصانع والمزارع والمناجم والورش، ليقدم صورة حية لجهود العمال وأصحاب العمل والحكومة في دعم عجلة الإنتاج.

 

إلى جانب برامجه، شغل حاتم الكسواني مواقع إدارية مؤثرة، منها:

مدير البرنامج العام ومدير برامج إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية (2008 ـ 2016).

مدير عام إذاعة صوت المدينة JBC (2006 ـ 2007).

مدير إذاعة عمان FM في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون (2000 ـ 2006).

كما ترأس قسم البرامج الاقتصادية والتنموية في الإذاعة الأردنية، وكان عضوًا في لجان إعلامية متخصصة على المستوى الوطني.

 

حصد الكسواني عدة جوائز تقديرية محلية وعربية، أبرزها:

ميدالية الرئيس النمساوي كير شلايجر (1979) عن برنامجه الخاص بمناسبة زيارة الرئيس للأردن.

جائزة الإبداع والتميز في مجال السلامة والصحة المهنية (2002) من المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي.

الجائزة الفضية لبرامج التحقيقات الإذاعية في مهرجان القاهرة (2003) عن برنامجه “الأضرار تطال الجميع” الذي ناقش تداعيات الحرب على العراق.

 

لم يقتصر عطاء الكسواني على برامجه الإعلامية، بل حمل هموم زملائه المذيعين، فبادر عام 2002 إلى تأسيس جمعية المذيعين الأردنيين، ليمنح هذه الفئة صوتًا نقابيًا مستقلًا، بعدما وجد أن الصحفيين والفنانين يتمتعون بنقابات تدافع عن مصالحهم، بينما المذيعون يفتقرون إلى كيان يجمعهم.

وقد نجحت الجمعية في عقد مؤتمرات إعلامية ودورات تدريبية، وتخصيص الأول من آذار يومًا سنويًا للمذيع الأردني، تكريمًا لجهودهم.

 

يؤمن الكسواني أن الإعلام التنموي كان في السبعينيات والثمانينيات إعلامًا مستقبليًا مخططًا، مرتبطًا بخطط التنمية الوطنية، بينما يعاني إعلام اليوم من “الآنية والارتجالية”، نتيجة غياب الرؤى التنموية الواضحة. وهو يرى أن الإعلام فقد كثيرًا من روحه الميدانية، بعد أن استبدل الميكروفونات المحمولة بجدران الاستوديو، وأصبح يعتمد على الأخبار الجاهزة ومصادر التواصل الاجتماعي.

 

من أعز ذكرياته المهنية، تلك المكالمات المفاجئة من المغفور له الملك الحسين بن طلال، رحمه الله، أثناء تقديمه برنامج “البث المباشر”. إذ اتصل جلالته لمتابعة قضايا طرحها البرنامج، مثل أوضاع مدرسة في الرصيفة، أو أزمة حليب “الآيسوميل” للأطفال، ليتدخل الملك بنفسه ويوجه بحلها الفوري. تلك اللحظات شكّلت أوسمة فخر في مسيرة الكسواني، وأكدت له قيمة الإعلام كجسر بين القيادة والشعب.

 

خلاصة تجربة الكسواني تلخصت في جملة من القواعد الذهبية التي يوجهها لكل إعلامي صاعد:

الإيمان بأن الإعلامي يقود الرأي العام ويؤثر في القيم والسلوك.

معرفة الجمهور المستهدف والتحدث بلغته.

احترام ذكاء المستمع والمشاهد.

الإعداد الجيد هو أساس أي برنامج ناجح.

ما يبث على الهواء مسؤولية شخصية وأمانة.

التميز يكمن في بذل الجهد الإضافي.

 

وبعد تقاعده عام 2016، انتقل الإعلامي حاتم الكسواني من عالم الصحافة الإذاعية المسموعة، حيث تألق مذيعًا ومقدمًا للبرامج، إلى عالم الصحافة الإخبارية الإلكترونية المقروءة. فقد أسس مع زميله الإعلامي رائد حراسيس، رئيس المذيعين في التلفزيون الأردني، موقع حرير الإخباري الإلكتروني، الذي يعد اليوم منصة إعلامية تفاعلية تهتم بالشأن العام وتغطي مختلف القضايا الوطنية.

 

ويشارك الكسواني في تحرير الموقع ونشر مقالاته التي تحمل طابعًا تحليليًا ورؤية نقدية معمقة، خاصة في القضايا العامة والسياسية والاجتماعية، ليواصل بذلك رسالته الإعلامية بأسلوب مختلف يجمع بين خبرته الإذاعية الطويلة وحضوره الجديد في فضاء الإعلام الرقمي.

 

حاتم الكسواني من الإعلاميين الذين تركوا بصمة واضحة في الإذاعة الأردنية والتلفزيون من خلال برامجه الجماهيرية، حيث استطاع أن يجمع بين حضور الاستوديو والتواصل المباشر مع الناس. ومنذ سبعينيات القرن الماضي، قدّم محتوى يعكس قضايا المجتمع ويقارب همومه اليومية، ما جعله من الأسماء المألوفة لدى المستمع الأردني.

عماد الشبار

مقالات ذات صلة