هل نوظف الحرب لضبط الأردن الشعبي؟

ماهر أبو طير

حرير- هناك موجة حادة من النقد في الأردن إزاء كثرة التحذير من الأزمات الحالية، أو تلك المقبلة، بما يعني حدوث ارتداد سلبي، يتجلى في تعبير يقول لقد أهلكتم أعصابنا بسبب الحديث عن الحرب.

أغلب المداخلات تقول بشكل اتهامي إن الجهات الرسمية تستثمر في الأخطار من أجل ضبط الداخل الأردني، وإخافة الناس، وتوظيف الخوف من الحروب، من أجل ضمان الهدوء الداخلي، بما يعني أن هذا الاتهام خطير للغاية، وكأن الدولة تريد إثارة ذعر الناس أولا.

ربما في بعض الحالات هناك مبالغة في المفردات والتصورات التي تخص المستقبل، وهذا يعني أن الحد الفاصل بين التخويف وقراءة الواقع دقيق جدا، وأحيانا لا تحقق القراءة التحليلية للأخطار الغاية المطلوبة منها، بل تؤدي إلى انجراف في المشاعر بشأن المستقبل، ومنسوب الشعور باليقين لدى الأردنيين حول حياتهم.

في ظلال الاتهام كلام إضافي عن أن الدولة ومعها نخب تتقصد هذه الإثارات، أو حتى بحسن نية، تريد تسكين الأزمات الداخلية، وخصوصا الاقتصادية، من خلال شد الأنظار نحو أزمات الجوار وكلفة توسعها نحو الأردن، بحيث يتناسى الناس الفقر والبطالة والغلاء وغير ذلك أمام مشهد القتل في غزة وجبهات ثانية، وتصير أهم ميزة للحياة في الأردن هي النجاة بالروح، أيا كانت طبيعة الحياة.

الكلام السابق يعكس ذهنية اتهامية فقط، لأن التخفيف من الأخطار أيضا أمر غير عقلاني، والمبالغة بمزايا الأردن في مواجهة الأزمات يجب أن تخضع لقياسات منطقية، مثلما أن الظن أن عزل الأردن عن جواره أمر يمكن أن يعبر عن سطحية شديدة، فأنت لا تذهب إلى النار بإرادتك، بل يريد غيرك، وتحديدا الاحتلال، مد النار إليك، وهذا يعني حاجتنا لميزان دقيق للموازنة بين قوتنا ونقاط ضعفنا من جهة ثانية، وللتمييز جيدا بين المبالغة بشأن الأخطار أو التهوين منها.

هناك من يعتقد أن الخطاب السياسي الرسمي، والشعبي على مستوى من يتحدثون إلى الناس، أهلك أعصاب الناس، من كثرة التحذير من الحروب والأزمات والتوقعات بشأن مشروع الاحتلال، وإذا كانت هذه حالة وجدانية طبيعية، لأن الإنسان لا يحب أن يعيش تحت وطأة الشعور بالخطر، إلا أن علينا إعادة إنتاج الخطاب الداخلي ليوازن بقوة بين مزايا الأردن ونقاط قوته المتعددة، وبين الأخطار المحتملة، حتى لا يؤدي الاختلال القائم حاليا إلى تهبيط الروح المعنوية للأردنيين.

خلال الأسابيع الأخيرة، حذر كثيرون من احتمالات الحرب، وطالبوا بتسليح الناس وغير ذلك، ومقابلهم هناك اتجاهات تتجاهل المشهد ولا كأن شيئا يحدث، وبين الأسلوبين تم تصنيع حالة من الاضطراب وعدم اليقين بشأن المستقبل، وللأسف الشديد يتم التخفيف من هذه الحالة بطريقة تقليدية جدا، أي الشعارات والأغاني والكلام الجميل لرفع المعنويات، فيما المطلوب حقا الحديث بشكل محدد وواضح عن نقاط قوة الأردن إذا واجه ظرفا استثنائيا، أي نقاط قوته الشعبية والمادية، وعدم الاكتفاء بقدح الكلام الثوري كالشرر في وجه مشاريع دولية.

الخلاصة هنا تقول إن قرع طبول الحرب في الأردن كل يوم أمر غير راشد لأنه يوتر العصب العام، فيما تجاهل الوضع الإقليمي لا يعبر عن ثقة أيضا بل عن سطحية، ولربما الحل خطاب متوازن يقول للناس لماذا نتوتر من المستقبل، وماذا لدينا لنرد على الأخطار، وكيفية إدامة الحياة وسط هذين المسربين من دون تناقض في الأساس والدوافع.

مقالات ذات صلة