السعود يكتب عن غياب الجامعات الأردنية في تصنيف شنغهاي 2025

حرير – يعد تصنيف شنغهاي (ARWU) أحد أبرز التصنيفات العالمية للجامعات، ويعتمد على معايير بحثية نخبوية مثل حجم وجودة النشر العلمي، وعدد الباحثين الأكثر استشهاداً، والنشر في مجلتي Nature وScience. ويُعد مرجعاً عالمياً منذ عام 2003 لقياس مكانة الجامعات ضمن أفضل 1000 جامعة في العالم.

وهنا كنت قد تحدثت بالعام الماضي عن احتمالية خروج الجامعة الأردنية الوحيدة من تصنيف شنغهاي وهي الأردنية، بهذا لم يعد هناك اي تمثيل للجامعات الأردنية في هذا التصنيف العالمي الهام، ورغم تقدم الجامعة الأردنية في مؤشرات التصنيف إلا أن السبب يعود بالأساس إلى عدم كفاية حجم الإنتاج البحثي في سنة القياس 2023 مقارنةً بسقف المنافسة العربية، إذ بلغ عدد البحوث المفهرسة للجامعة في قاعدة Web of Science وفق بيانات InCites نحو 1051 بحثاً، في حين وصلت عتبة الدخول للمركز العاشر عربياً في العيّنة نفسها إلى قرابة 2251 بحثاً في عام 2023 (وارتفعت إلى نحو 2290 بحثاً في 2024). وهذا يعني أن حجم الانتاج البحثي النوعي للجامعة يقل عن نصف حجم العتبة المطلوبة تقريباً، وهذا ايضاً يعني صعوبة عودتها ضمن قائمة أفضل ألف جامعة عالمياً في العام القادم.

ورغم أن مؤشرات الجودة قد تحسّنت بوضوح في 2024 (حيث ارتفع CNCI من ≈0.93 في 2023 إلى ≈2.45 في 2024، كما ارتفعت نسبة الأبحاث ضمن الشريحة العليا %Top10 من ≈9.7% إلى ≈11.6%)، إلا أن هذه التحسينات لا تدخل مباشرةً ضمن منهجية تصنيف شنغهاي (ARWU)، الذي يعتمد في جزء أساسي منه على مؤشر النشر (PUB) لسنة 2023. وبغياب روافع نخبوية كافية في مؤشرات أخرى مثل النشر في مجلتي Nature وScience، أو وجود عدد كافٍ من الباحثين الأكثر استشهاداً (HiCi)، لم تستطع الجامعة الأردنية تحقيق الكتلة الحرجة من النقاط التي تضمن بقاءها ضمن أفضل 1000 جامعة عالمياً، ورغم أن رئيس الجامعة حاول خلال العاميين الماضيين استقطاب أكبر عدد ممكن من الباحثين الدوليين الأكثر استشهاداً وهي ممارسة أكاديمية سليمة وتقوم بها كبرى الجامعات العالمية بهدف تجويد البيئة البحثية ورفع كفاءة الفرق البحثية. إلا أن بعض الممارسات السلبية من عدد محدود من الباحثين دفع مجلس التعليم العالي لوضع قيود على العمل البحثي في الجامعات الأردنية كافة.

إن عدم وجود أي جامعة أردنية في ظل تزايد تمثيل الجامعات العربية في هذا التصنيف مؤشر يدعو إلى القلق. لذا يجب التركيز على استدامة التقدم لا المظاهر لان تصنيفات مثل شنغهاي تعتمد على النخبوية البحثية (HiCi، Nature/Science، عدد كبير من الأبحاث)، وهي ليست أهدافًا سهلة. لذلك لا بد من خطة طويلة المدى (5–10 سنوات) تبني القدرات البحثية وتربطها بحاجة المجتمع والاقتصاد، بحيث لا يكون التصنيف غاية بحد ذاته، بل انعكاسًا لواقع أكاديمي أفضل.

وانطلاقًا من مسؤوليتنا الوطنية في حزب الميثاق الوطني، فإننا ندعو إلى تشكيل لجنة وطنية متخصصة بقيادة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تُعنى بمساعدة الجامعات الأردنية على تحقيق تقدم فعلي وواقعي، لا تقدمًا شكلياً زائلاً، وذلك من خلال بناء إستراتيجيات بحثية مستدامة تُترجم إلى مخرجات تعليمية قادرة على تخريج أجيال متسلحة بالعلم والمهارات، وإنتاج أبحاث تطبيقية ذات أثر حقيقي في خدمة المجتمع والتنمية.

ما هو مطلوب من وزارة التعليم العالي اليوم قيادة عملية تحول بحثي وتعليمي وطني، من خلال التخطيط الإستراتيجي، والتحفيز الصحيح، وبناء الشراكات الفاعلة والمدعومة مع القطاع الصناعي، وتوفير بيئة بحثية محفزة. حينها ستتمكن الجامعات الأردنية من العودة إلى خارطة التصنيفات العالمية بشكل مستدام لا شكلي.

الأستاذ الدكتور أنس راتب السعود

مساعد الأمين العام لشؤون التعليم العالي والبحث العلمي – حزب الميثاق الوطني
زميل الابتكار في التعليم العالي العالمي – جامعة هارفارد
anas@seas.harvard.edu

مقالات ذات صلة