
وللحرية الحمراء بابٌ بكل يدٍ مضرجةٍ يدقٌ
حاتم الكسواني
مع إقتراب إعلان وقف إطلاق النار في غزة نقرأ ونسمع من يقول بان الثمن كان باهظًا ، وأن النتائج المرجوة لم تلامس طموحات وأهداف الشعب الفلسطيني .
ونحن هنا لا نريد أن نفند تلك المقولات لأننا نؤمن بحرية كل شخص أن يرى الأمور من منظوره الخاص والتزاما واحتراما لمبدأ حرية الرأي وضرورة مناقشتنا للقضايا الوطنية بالرأي والرأي الآخر ، وإدراكا منا بأن حق الانطباع الأخير هي للمواطن القارئ أو المشاهد أو المستمع .
ونحن نقف في موقع آخر ومخالف لهذا الرأي لأننا نرى بأن مادفع من ثمن قد تم دفعه وعلينا أن نجني مكتساباته ونعظم إيجابياته لا ان نفرغه منها .
والأجدر بنا اليوم أن نركز على مخالفة الإحتلال للأعراف والقوانين الدولية وان نشيطن لجوئه إلى فعل الإبادة الذي إعتقد بانه سيرعب به الفلسطينيين والامتين العربية والإسلامية ، ويقنعهم بعدم جدوى مقاومته و محاولة الانتصار عليه ، وأن جيشه كما اراد ان يزرع في عقولنا ومداركنا هو الجيش القوي الذي لايقهر .
ففي ظل واقع القضية الفلسطينية قبل معركة طوفان الأقصى التي أصبحت في موضع النسيان والإهمال تشكل إدراك لدى المقاوم الفلسطيني انها كانت تحتاج إلى الطوفان لتحريكها واضعا في حساباته بأن محور المقاومة الذي رفع شعار وحدة الساحات ، وأن قوى الأمتين العربية والإسلامية ستهب لنصرة قوى المقاومة الفلسطينية
“حماس والجهاد الإسلامي وباقي فصائلها العاملة في غزة” .
ورغم ان حساب الحقل لم يتوافق مع حساب البيدر إلا ان النتيجة الحتمية التي إنتهت إليها معارك طوفان الأقصى على مدى 15 شهرا من القتال غير المتناظر والصمود الأسطوري لقوى المقاومة قد وضعت بقوة قضية الشعب الفلسطيني وحقه بكيان أو نظام سياسي أو دولة تمثله على خارطة تشكيل المنطقة العربية والشرق الأوسط الجديد ، وهنا نستشهد بما صرح به مسؤول في البيت الأبيض لوسائل الإعلام الذي يؤكد ذلك إذ قال اليوم :
” الشعب الفلسطيني يستحق السلام وقد مر من الجحيم ”
من المهم اليوم ان نبرز حجم الإبادة التي أرتكبت بحق الشعب الفلسطيني التي شكلت إبادة لكل أشكال الحياة وأنواع البشر حيث طالت الأطفال والنساء والشيوخ والعلماء والكوادر التعليمية والرياضيين والفنانين ” من مختلف القطاعات الفنية ” والإعلاميين ” مذيعون وصحفيون ومهندسون وفنيون ” كما طالت المساجد والكنائس والجامعات والمعاهد والاماكن التاريخية والمزارع ومرافق المياه والكهرباء ومرافق الخدمات من دوائر ومؤسسات وملاعب ونوادي رياضية وثقافية ، والمستشفيات والعيادات وكوادرهما الطبية والصيادون وموانئ الصيد ، وطالت حتى جامعي التراثيات من ادوات صيد وحصاد وادوات منزلية ومختلف انواع المتاحف واستوديوهات التصوير التي وثقت ملامح المدينة وملامح الحياة الشعبية والسياسية والإجتماعية فيها ، كما طالت كل المرافق الإقتصادية من مصانع وورش ومزارع ومتاجر .
ووصل عدد شهداء الإبادة الصهيونية الشاملة بحق ابناء غزة وحدها قبل إعلان وقف إطلاق النار وفق مركز الإحصاء الفلسطيني :
46645 شهيدا منهم ” 17841 “طفلا و ” 12298″ من النساء و ” 2421 ” مسنا و “1068 ” ,من الطواقم الطبية و ” 204 ” من الصحافيين و ” 156 ” معلما و ” 203 ” من كوادر الانروا و ” 94 ” من كوادر الدفاع المدني بالإضافة إلى ” 11200 ” مفقودا منهم ” 4700 ” من الأطفال والنساء
من المهم اليوم ان نساوي بين الصهيونية والنازية كصانعي إبادة بشرية ، وأن نتحدث عن حاجة الشعب الفلسطيني لدولة تحقق له الاستقلال والأمان والعيش الكريم ، وأن نلاحق الكيان الصهيوني في كل المحافل الدولية وبكل وسائل الإعلام مطالبين بتعويض الشعب الفلسطيني عن كل الجرائم التي أرتكبت ضده منذ عام 1948 حتى يومنا هذا ، وأن لاننسى تذكير العالم والأجيال القادمة بالدول والسياسيين الذين ايدوا الإبادة ومولوها .
من المهم اليوم ان ندحض كذبة أن إسرائيل هي الديموقراطية الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط ، وأن نزرع صورتها في وعي و نظر العالم كله كدولة فصل عنصري وأن جيشها جيش متوحش، مجرم ، قاتل للأطفال والنساء ، والشيوخ وكل المدنيين الأبرياء .
وستبقى الحقيقة الساطعة تقول بأن القادة الإسرائيليين والامريكيين المدنيين والعسكريين قادة إبادة جماعية إذا لم تتمكن الجنائية الدولية من محاكمتهم فسيحاكمهم التاريخ والاجيال الإنسانية القادمة .
الرحمة لشهدائنا الأبرار ” وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ”
ولا حرية ولا إستقلال دون تضحيات
وكما قال امير الشعراء أحمد شوقي :
” وللحرية الحمراء باب …. بكل يد مضرجة يدق “