
العثامنة: الواقع السياسي المتردي أفسد الحالة الإعلامية قي الأردن
مالك عثامنة
أحرص دوما على تسمية نفسي بالصحفي، أو الكاتب الصحفي. أتجنب بحرج شديد تسمية البعض لي بالإعلامي، تلك تسمية كبيرة وفضفاضة وقد بدأت كتصنيف لكبار الأساتذة في عالم المهنة الصحفية العربي، وانتهت إلى مشاع مبتذل لا يتردد أي نصف أمي ونصف جاهل بأن يسبغه على نفسه كتعريف يضعه قبل اسمه.
الابتذال في فضاء المهنة الصحفية في الأردن جعل مفهوم “الإعلامي” الغامض أساسا يتحور “مثل الفيروس” إلى متحورات جديدة تقارب مفهوم “السياسي”..وهو تحوير فرضته أدبيات التسلق للوصول إلى أي مقاعد يتم حشرها في الصفوف الأولى من النخبة..والنخبة هنا هي النخبة المجتمعية في “عمان”..مفهوم ملتبس آخر!
من خلال مهنتي، ووسائل الإعلام “المحترمة” التي أعمل معها تسنى لي أن اكون شريكا في رفع سقف الكتابة إلى حدود شاهقة، لكن لم أطرح نفسي يوما كشخصية سياسية. لست سياسيا ولا لاعبا في المشهد السياسي، أنا مجرد مراقب للأحداث “أيا كانت” يجمع المعلومات حولها بأصول صحفية مضبوطة على المهنية التي تعلمتها بالخبرة واستقيتها من أساتذة كبار سبقوني، ثم أعالجها غالبا في مقال صحفي أو تحليل أحرص أن يتضمن المعلومة التي هي حق المتلقي.
وسائل التواصل الاجتماعي، كانت دوما أفخاخا من الرمال المتحركة، كدت أن أنزلق فيها لولا تجارب نبهتني قبل فوات الأوان أن تلك الأفخاخ بكل “شعبويتها” ليست أكثر من عالم افتراضي واهم.
كما تعلمت – من واقع التجربة التي لا تزال مستمرة – أنني قيد التعلم ورهن معرفة جديدة كل مرة في عالم الكتابة الصحفية.
في زياراتي للأردن تحديدا، دوما أواجه أسئلة تفترض مسبقا أني “أعرف”! وفي لقاءات مع مسؤولين يتم التعامل معي كلاعب سياسي، وهو ما يجعلني في بداية كل جلسة أو لقاء أن أقدم نفسي ككاتب وصحفي يبحث عن المعلومة والخبر، لا صانعا له.
في الأردن، الحالة الإعلامية عموما متردية، أفسدها الواقع السياسي الأكثر ترديا، الرشوة المجتمعية لمهنة الصحفي جعلت المهنة سلما “نخبويا” للتسلق والتكسب والابتزاز، رشوة مجتمعية مؤسسة على وعي جمعي ممسوخ، مسخته اللعبة السياسية أيضا.
لا يعني هذا أن المشهد “الإعلامي” في الأردن لا يخلو من إضاءات تفرض نفسها في تلك العتمة، هنالك صحافة حقيقية وإعلام مهني يشق طريقه بانضباط وإبداع وصبر، كثير من الصبر.
الأمثلة ليست كثيرة للأسف، غالبية المواقع الصحفية دكاكين “استرزاق” وليست مؤسسات، لقد قفز إلى المهنة “فهلوية” العلاقات العامة، والعلاقات العامة هنا مفهوم مشوه يتناسب طرديا مع تشوه الوعي السياسي للنخبة التي تحكم وتتحكم ولها نفوذ. نخبة لا تقرأ ولا تعرف، ووجدت نفسها في الصف الأول قادرة على كل عمليات الإزاحة والجذب بقوة السطوة والنفوذ ..والمال.
وسلامتكم..