
فرص نجاح انتفاضة بايدن على نتنياهو!
د. عبد الله الشايجي
حرير- فيما يدفع تصعيد نتنياهو المتعمد لتفجير حرب إقليمية لنسف أي مبادرة لوقف إطلاق النار وإنجاح صفقة تبادل الرهائن وإدخال مساعدات عاجلة لقطاع غزة، تحبس المنطقة أنفاسها وتنتظر بقلق رد إيران الانتقامي ومعها حلفاؤها الذي تأخر، رداً على اغتيالات إسرائيل في طهران وبيروت وقصف الحديدة، وارتكاب مجازر متتالية وآخرها قصف بصواريخ مسجد التابعين أثناء أداء الفجر، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 100 مدني، واقتحام باحات المسجد الأقصى 3000 مستوطن بقيادة وزير الأمن الوطني بن غفير بمناسبة ذكرى هدم المعبدين الأول والثاني في يوم تدنيس باحات المسجد الأقصى وإقامة صلوات تلمودية في استفزاز لملياري مسلم، واستمرار المستوطنين بالاعتداءات السافرة على الفلسطينيين في مدن وقرى الضفة الغربية وتهويد وزير المالية المتطرف سموترتش الضفة الغربية، وكل ذلك لإفشال مفاوضات وقف إطلاق النار!!
يتأكد يوما بعد يوم أن نتنياهو هو العقبة الرئيسية للتوصل لوقف الحرب على غزة! والسؤال لماذا غير الرئيس بايدن لهجته وموقفه، وتصميمه التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وتنفيذ قرار مجلس الأمن 2735؟
لهذا نشهد تصاعد ضغطه الناعم على نتنياهو دون أن يسميه بالاسم، بعدما تحرر من أعباء الترشح للرئاسة! وانضمت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية التي نقلت عنها هيئة البث الإسرائيلية في اليوم 315 من حرب الإبادة أن مسؤولين أمنيين أبلغوا القيادة السياسية أن عمليات الجيش الإسرائيلي بشكل عام قد انتهت في غزة. ويمكن لإسرائيل دخول غزة مرة أخرى عندما تتوفر معلومات استخباراتية جديدة. وحان الوقت لصفقة الرهائن، يتزامن ذلك مع نقل نيويورك تايمز عن مسؤول أمريكي أن الجيش الإسرائيلي حقق أقصى ما يمكن تحقيقه.
توقيت ودلالات تصعيد بايدن الناعم وتوجيه رسائل مبطنة ضد نتنياهو بعدما منحه وغطى حرب إبادته على مدى 315 يوما، لينتفض بسقف منخفض برفضه السماح لأي طرف في الشرق الأوسط تقويض التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن والاستمرار بالتفاوض بعد مفاوضات الدوحة والانتقال لمفاوضات القاهرة بتفاؤل حذر.
موقف المؤسسة العسكرية يناقض موقف نتنياهو الرافض لوقف الحرب، حتى يحقق أهدافه بهزيمه حماس والإفراج عن الرهائن وتحييد قطاع غزة حتى لا تبقى غزة مصدراً لتهديد أمن إسرائيل.
برغم استمرار الحرب للشهر الحادي عشر، ما يجعلها الحرب الأطول بتاريخ الاحتلال وحروبه مع أي طرف عربي منذ نكبة 1948. يُضاف لتفاقم الانهيار الاقتصادي وتخفيض التصنيف الائتماني وارتفاع التضخم وتجاوز كلفة الحرب 67.3 مليار دولار، وارتفاع عجز الميزانية إلى 8.1 في المئة، ما يعمّق مأزق نتنياهو وحكومته المتطرفة! إلا أن نتنياهو ما لم يمارس بايدن ضغوطا حقيقية عليه، سيتعنت بموقفه بحجة الحاجة لتحقيق أهداف الحرب بعد فشله بتحقيقها، بهزيمة حماس التي تقصف تل أبيب، وفشله بإنقاذ المحتجزين، ولم يحقق الهدف غير المعلن بالتطهير العرقي وتفريغ قطاع غزة بجعله غير قابل لحياة الغزيين، بتدمير البنى التحتية والمستشفيات والمدارس وتحويل 95 في المئة من سكان غزة إلى نازحين ولاجئين.
لذلك لم يعد مقبولاً السكوت على عبثية حرب نتنياهو ونهج إفشاله المفاوضات، لذلك يؤمل تغيير الاستراتيجية بضغط ثنائي من الرئيس بايدن والمؤسسة العسكرية بالاختلاف العلني، عن رفضهم استمرار حرب باتت بلا أفق، ورفض شروط نتنياهو التي تعرقل التوصل لاتفاق، لخدمة مصالحه الشخصية والبقاء في السلطة حتى على حساب توسيع قوس الحرب وتمددها إقليميا. لذلك كان رد نتنياهو بعد مفاوضات الدوحة والانتقال الأسبوع القادم للقاهرة، نقلاً عن الناطق الرسمي باسمه: «غير مقبول المقترح الأمريكي بالنسبة لنتنياهو»!
وسبق أن ذكرت القناة 13 الإسرائيلية حسب مصادر أمنية تم إبلاغ نتنياهو بأن فشل التوصل لصفقة وقف الحرب والإفراج عن الرهائن يعني حربا إقليمية. وأكد الرئيس بايدن بعد مفاوضات دامت يومين استضافتها الدوحة نهاية الأسبوع الماضي باتصاله بأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد وبالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تحقيق تقدم في مفاوضات الدوحة. وطلب بايدن من فريقه التفاوضي في الدوحة تقديم مقترحات لسد الفجوات.. وإرسال وزير الخارجية بلينكن للمرة التاسعة إلى المنطقة لتأكيد دعم إسرائيل وتحريك المفاوضات. لذلك اقتنع الرئيس بايدن بتغيير مقاربته كلياً، وتغيير قواعد اللعبة ووقف الدعم بلا سقف، للدفع بالتوصل لوقف إطلاق النار وكسر حلقة تحكم نتنياهو ووزرائه المتطرفين بقواعد اللعبة ومنع حرب إقليمية! هكذا نفهم تصعيد بايدن شخصيا بانتقادات مبطنة لنتنياهو للمرة الأولى وفي إشارة إلى نتنياهو يحذر «لا ينبغي لأحد تقويض التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن..».!
وذلك بعد تجنب لأشهر ذكر بايدن الطرف المسؤول الأول عن التصعيد وإفشال المفاوضات ودور الوسطاء، ودفع المنطقة لحرب إقليمية بعد الاغتيالات والاعتداءات وعلى رأسها إسماعيل هنية في طهران وفؤاد شكر في بيروت.
وهذا يدفع بايدن للضغط وللانخراط شخصياً للتوصل للاتفاق ليحقق إنجازا واختراقا مهما قبل نهاية حياته السياسية، يخلده كرجل دولة يختم خمسة عقود من تاريخه السياسي! بينما لا يكترث نتنياهو بإرثه الإجرامي، وكونه مجرم حرب وأسوأ رئيس وزراء بتاريخ كيان الاحتلال، بل ببقائه في السلطة لئلا يُرمى في مزبلة التاريخ وحتى السجن.
يُبدي بايدن تفاؤلا حذرا، أتوقع انخراطه أكثر وممارسته ضغوطاً أكبر على نتنياهو لانتزاع تنازلات، لوقف حرب الإبادة ونزع صاعق حرب إقليمية وإنقاذ إرثه!