محاولة للفهم ولبث الأمل… احمد أبو خليل

محاولة للفهم ولبث الأمل:
(مسبقا، أعذروني على الغموض، فأنا أحاول فقط).
وفق قراءتي للوجوه في مجلس النواب اليوم، بدا لي أن ما هو جوهري في المشهد كان “مشغولا”، أو على الأقل توجد شخصيات رئيسية “طايبلها” ما جرى. دققوا في صنف الانفعالات، دققوا في الابتسامات التي وزعت بلا مناسبة، دققوا في كلمات مبعثرة سمعت في بعض الفيديوهات. قوموا ببعض المقارنات مع مواقف مسبقة للأشخاص ذاتهم.
من جانب آخر، وفق قراءتي للحالة العامة السياسية الآنية، ومآلاتها المحتملة، وهي حالة فريدة في كثير من جوانبها، فإن مشهد النواب اليوم يعتبر هدية مميزة قد تكون مقصودة عند هذا الطرف وعفوية أو نابعة من غباء عند ذاك الطرف. لكنه بالمحصلة يسهم في الدفع للمزيد من الخراب.
يبدو أن لبلدنا صنفا خاصا من الخراب يجري التجهيز له، وهو يتناسب مع “الثقافة العامة”! إنه يعكس ويتناغم مع تنوع الأطراف الفاعلة فيه. لاحظوا اصطفافات النواب مثلا. وبالتوازي لاحظوا مدى الذاتية في تعبيراتهم وانفعالاتهم.
تكمن الخطورة في وجود تبدل ملحوظ في دور القوى والأجهزة القيادية. فعبر العقود كان يتواجد من يستشعر ويشعر، وفي النهاية يملك أدوات التحكم، وفق رؤية تتضمن صيغة ما لما نسميه “المصلحة الوطنية” بحسب معانيها المعتادة في الأردن، بحيث يتحقق قاسم مشترك بين مصلحة الحكم ومصلحة المجتمع والناس والدولة ككل. وهذا غائب الآن. على سبيل المثال، من يجيبنا على سؤال: كيف يدار البلد؟
التخريب والتحطيم له شركاء مستفيدون ينشئون بيئة حاضنة، يمكن أن تُركّب عليها أي مشاريع كبرى أو صغرى.
إدارة الدولة تذهب إلى صيغة مستحدثة، ستفقد الحكومة والمجلس النيابي وربما القضاء، معانيها وأدوارها المعتادة. أي ستكتسب السلطات معاني وادوار جديدة.
أرجح أن الأردنيين سيتمنعون أو سيمتنعون عن التجاوب، ليس لأسباب سياسية أو حقوقية، بل لأسباب حياتية يومية، فالصيغة الجديدة لن تجلب إلا المزيد من انعدام المساواة والاستقطاب بين الفقراء والأغنياء، وستندفع فئات شعبية كبرى بعيدا ،وقد تتكور حول نفسها.
لا أحب عبارة “البلد خربانة” ولا أحب سؤال” إلى أين ذاهبون”، ولا أحب المساهمة في تعظيم اليأس والإحباط العام …إلخ. وفي الوقت ذاته أرى انه لا تتوفر الكثير أدوات المواجهة التي يمكن ان تكون فاعلة على المدى القصير.
اقتراحي بسيط ومجرب في بعض الحالات: وهو مبني على أن الشعوب لا تغلق أوطانها. فالأوطان عند الشعوب ليست مشاريع ولا استثمارات تنتقل إلى موقع آخر. حتى في حالات الخراب الكبير الذي جربته بعض الشعوب والدول، يواصل من تبقى العمل للبناء من جديد. هذه هي أقدار الشعوب، وعلى رأي فيروز: “بدنا نكمل باللي بقيوا”.
تعالوا نحمي المجتمع من سياسات “الدولة”، لدى المجتمعات آليات للحماية الذاتية وتستطيع بناء المزيد منها. لعلنا نهيئ ونعظّم ادوات البناء والصمود في المستقبل. تعالوا نقاوم تعميم اليأس على المدى الطويل

مقالات ذات صلة