أردنيات يواجهن البطالة بالفيسبوك وواتساب

بعد إعلان دائرة الإحصاءات العامة في الأردن عن ارتفاع نسبة البطالة في الربع الفائت من العام الماضي 2017 إلى 18.5 في المئة، وخصوصاً عند الإناث٬ واجهت الأردنيات قلّة الطلب على الوظائف بالاتجاه إلى المشاريع المنزلية الصغيرة والعمل من المنزل، والتسويق لأعمالهن عبر وسائل الاتصال الاجتماعي المختلفة.

تقول مريم التي أنهت دراستها الجامعية في مجال التصميم الجرافيكي، أنها كانت مضطرة إلى البحث عن نظراً إلى الظروف المعيشية الصعبة٬ لكنّ الأبواب أغلقت في وجهها لعدم وجود وظائف تتناسب ومجال دراستها، أو لقلة الراتب المعروض، الذي لا يكفي حتى أقساطاً لوضع طفليها في حضانة، أو استقدام عاملة تعتني بهما أثناء غيابها عن المنزل.

وتعلّق مريم على هذا الموضوع قائلة: “فكرت بعد أن وجدت أنه لا جدوى من استمرار البحث، في استغلال وسائل التواصل الاجتماعي للتسويق لنفسي كمصممة جرافيكية، وبالفعل أنشأتُ حساباً على الانستجرام، وبدأت بعرض تصاميمي على حسابي، وكانت الانطلاقة من تواصل أحد المطاعم لأصمّم لهم قائمة طعام مبتكرة. وبالفعل قمت بعملها وتم قبولها، وعرضوا عليّ أن أشرف على صفحاتهم الرسمية على الفيس بوك والانستجرام، وعمل التصاميم الخاصة بعروض المطعم المختلفة، ومن هنا كانت البداية، وتعاقدت مع صالونات نسائية ومَقاهٍ ومحال حلويات للقيام بالأمر نفسه. ودخلي الآن جيد جداً، وأنا في منزلي إلى جانب أبنائي، ولا أحتاج إلى وظيفة دخلها لا يكفي ربما حتى للمواصلات”.

وتحمل “رولا العواملة” شهادة إدارة واقتصاد٬ لكنها تقطن في إحدى مناطق عمّان الشرقية٬ ما يعني أنها ستحتاج إلى ساعة كاملة للوصل إلى عملها في أي من المناطق الغربية لعمّان، حيث يتركز فيها أغلب الشركات والبنوك. ولأن الحصول على وظيفة كان أمراً أشبه بالمستحيل بالنسبة إليها٬ فكرت رولا في إقامة مشروع عمل في المنزل يؤمّن لها دخلاً، تستطيع من خلاله توفير احتياجاتها الأساسية٬ كونها لا يمكنها الاعتماد على أهلها مادياً.

وتقول العواملة: “زوجة أخي معلمة في إحدى المدارس الحكومية في مدينة مادبا، التي تبعد عن عمّان ما يقارب الـ33 كيلومتراً، عرضت عليها أن أقوم بمهمة الطبخ لأطفالها يومياً، مُقابل مادي بسيط، وبالفعل بدأ مشروعي من هنا، وتعرّف إليّ الكثير من ربات البيوت في منطقتنا، وصرت أعد لهنّ وجبات يومية، واستطعت أن أؤسس لي عملاً يدرّ عليّ عائداً مادياً مُجزياً، إضافة إلى ملء وقت فراغي، بحُكم أنني غير متزوجة”.

من جهة أخرى يعتبر فرج المحاسنة، الاختصاصي في الاستثمار عن طريق الإنترنت في المشاريع الصغيرة والبيزنس والعمل٬ أنّ العمل أو التشغيل أو التسويق للمشاريع المنزلية وجَني المال عن طريق الإنترنت، غائب تماماً من المناهج المدرسية والجامعات.

وأكّد فرج أنّ العمل من المنازل يمكن أن يُنهي بشكل كامل البطالة في الأردن٬ كما أنّ وجود أعمال ومشاريع عاملة عن طريق الإنترنت، يمكن أن يحقق للدولة إيرادات ضريبية عالية. وتابع: ” إننا في حاجة إلى التوعية والتعريف بهذا الأمر، وعلى الجهات الرسمية تشجيع الأفكار الجديدة، ودفعها في هذا الاتجاه”.

وقد أسس محاسنة موقعاً غير ربحي أطلق عليه اسم “جوردانيا”، يقدم فيه معلومات عن كيفية الربح والعمل والتشغيل والتسويق للمشاريع المنزلية عن طريق الإنترنت.

بدوره يؤكد الدكتور هايل العبيدات، مدير عام مؤسسة الغذاء والدواء، إن العولمة وأدوات الاتصال والتواصل الاجتماعية، سمحت لأردنيات كثيرات بخلق فرص عمل، من دون الخروج من المنزل أو حتى الالتزام بدوام رسمي، وكثير من هذه الأعمال بحسب العبيدات قد لا تندرج تحت إحصاءات البطالة، وقد تكون ضمن حسابات اقتصاد الظل.

ويقول د.العبيدات: “وفقاً للإجراءات الرسمية، تضم دائرة رخص المهن في أمانة عمّان الكبرى، نحو 42 مهنة تُمارَس داخل المنازل، من بينها الطبخ وتصنيع الأغذية والمخلّلات والخضراوات والأعشاب، وكمؤسسة عامة للغذاء والدواء، وضعنا قانوناً ينظّم الحصول على رخص، حرصاً منّا على الرقابة الصحية، ودعماً لتلك المهن المنزلية من أجل تعزيز الاقتصاد المنزلي، الذي نركز فيه على ألّا تتطلب تلك الأعمال المعدّات أو القيام بعمليات تصنيع مزعجة للجوار، وألّا تكون ذات تأثير سلبي في الصحة والسلامة العامة، ويمكن لأي سيدة التقدم للمؤسسة للحصول على التصريح المعتمد لهذه الغاية”.

 

خبير التسويق الإلكتروني والإعلام الاجتماعي حسن الحلبي يعتبر أننا نعيش اليوم في واحدة من أعظم الفترات على مرّ التاريخ، التي يمكن للشخص فيها أن يتعلم ويقرأ ويعمل، وأن يستفيد من مئات الدورات والمحاضرات عن طريق الإنترنت، كما يمكن للشخص أن يُصبح خبيراً بالمعنى الحرفي في أي مجال، لو منحه الاهتمام والوقت الكافيين، والأهم أنه يمكن للشخص أن يعمل ويُنتج دخلاً حقيقياً من خلال وسائل التواصل الاجتماعي».

 

ويضيف الحلبي قائلاً: “هناك الكثير من الأردنيات، اللواتي تشرّفت بلقاء الكثيرات منهن، يعملن من المنزل، لظروف متباينة منعتهن من الخروج للعمل أو الحصول على وظيفة مناسبة، فقمن بالتركيز على مهارة معينة، ومن ثم تطويرها، والتسويق الشخصي والتسويق بالمحتوى، للوصول إلى أشخاص يهمّهم العمل معهن”.

ويختتم حسن الحلبي بالقول: “إن كسب المال من المنزل عن طريق التسويق الإلكتروني، ليس خرافة ولا وهماً، لكن المهم لأي امرأة تعمل في بيتها أن تكون صبورة وجادة، كما أن هناك عشرات الفرص للعمل «أون لاين» يومياً، سعياً من القطاعات المختلفة لتقليل مصاريفها ومواجهة البطالة، ولكون سوق المنافسة كبيراً، على الراغبة في هذا النوع من العمل، أن تكون متميّزة ومختلفة، حتى يختارها العملاء”.

مقالات ذات صلة