محامو الجزائر يتظاهرون للمطالبة بتنحّي بوتفليقة وإقرار شغور منصب الرئيس

محامو الجزائر يتظاهرون للمطالبة بتنحّي بوتفليقة وإقرار شغور منصب الرئيس
تظاهر المئات من المحامين، وسط العاصمة الجزائرية، اليوم السبت، للمطالبة باحترام وتطبيق أحكام الدستور، استجابة للحراك الشعبي في البلاد، ودعوة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى التخلي عن الحكم قبل نهاية عهدته الرابعة في 27 إبريل/ نيسان، داعين المجلس الدستوري إلى الاجتماع لإقرار حالة شغور منصب رئيس الجمهورية.

وتجمع المحامون بساحة البريد المركزي، في وقفة احتجاج رفعت فيها شعارات تطالب باحترام الدستور، قبل أن يتوجهوا في مسيرة باتجاه قصر الحكومة القريب، وتخطى المحامون الحاجز الأمني الذي أقامته قوات الشرطة لمنعهم من المسير إلى قصر الحكومة، قبل أن يتراجع المسؤولون الأمنيون عن صدّ المحامين.

وقال المحامي صالح دبوز وهو أحد المشاركين في المسيرة لـ”العربي الجديد”، إنه انطلاقاً من دفاع المحامين عن الحقوق والحريات، يطالبون اليوم “بالرحيل الفوري للنظام الذي اغتصب الحريات وداس على حقوق الجزائريين لمدة نصف قرن”، مضيفاً أن “النظام الحالي يحاول المناورة واستمهال نفسه لبعض الوقت ويراهن على كسر الحراك أو تخريبه”.

وأكد أن “النظام سيرحل والرئيس بوتفليقة ورجالاته أصبحوا من الماضي، كل هذه الأجيال تتطلع إلى المستقبل”.

وانتقد المحامي مصطفى بوشاشي، وهو حقوقي بارز في الجزائر في تصريح صحافي، محاولة السلطة الاستقواء على الحراك الشعبي بالخارج، معتبراً أن لجوء السلطة والنظام إلى الخارج هو استقواء به وتدويل خطير وغير مقبول.

وأضاف أن “هؤلاء يتعنتون ولا يريدون أن يسمعوا صوت الشعب، يريدون الالتفاف على مطالبه ويستقوون بالخارج، وهو شيء خطير وقع في الجزائر المستقلة”. وأضاف: “زعماء الدول لما تقع مشاكل في بلدانهم ويكونون في الخارج يدخلون مباشرة حتى لو كانوا في اجتماعات هامة، أما نحن لما لفظهم الشعب ذهبوا إلى الخارج ليستقووا به لأنهم في خدمة هذه الدول”.

ورفع المحامون شعارات أبرزها “جزائر حرة ديمقراطية” و”النضال النضال حتى يسقط النظام”، مع دعوتهم إلى استقلالية العدالة ورفع الضغوط ورفض التدخل الأجنبي، وحذّر المحامون عواصم الدول التي تسعى لدعم النظام الجزائري للاستمرار في حكم البلاد.

في سياق آخر، دعا حزب “جبهة المستقبل” المنشق عن الحزب الحاكم، بوتفليقة إلى تقديم استقالته للسماح بتفعيل المادة 102 من الدستور، التي تحيل صلاحيات الرئاسة على رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، لمدة 45 يوماً يتم بعدها الدعوة إلى انتخابات رئاسية مفتوحة.

ونشر الحزب الذي يقوده المرشح الرئاسي بلعيد عبد العزيز، مبادرة سياسية تتضمن دعوة المجلس الدستوري بالاجتماع وجوباً لإعلان حالة شغور منصب رئيس الجمهورية، في حال رفض رئيس الجمهورية تقديم استقالته، واستكمال الإجراءات الدستورية، لتفعيل المادة 102، ما يسمح بتفادي أي انزلاقات قد تؤدي إلى وضع خطير يهدد البلاد.

وتتضمن المبادرة تفعيل المادّة 194 من الدستور، المتعلقة باستحداث هيئة عليا لمراقبة الانتخابات، يتم توسيع صلاحياتها إلى تنظيم ومراقبة الانتخابات وإعلان نتائجها، للسماح بإجراء انتخابات رئاسية نزيهة.

لويزة حنون تحذر من المناورات

في السياق، حذرت زعيمة حزب “العمال” اليساري لويزة حنون، من مناورات سياسية يقوم بها حزبا السلطة “جبهة التحرير الوطني” و”التجمع الوطني الديمقراطي” بزعم التحاقهما بالحراك الشعبي ومطالبه السياسية، برغم كونهما أبرز مهندسي المغامرة السياسية التي كادت تقود البلاد إلى “كارثة العهدة الخامسة” لبوتفليقة.

وقالت حنون في مؤتمر صحافي عقدته السبت، إن “تخلي أحزاب الموالاة عن الرئيس بوتفليقة، لا يمثل قناعة سياسية، لكنه يستهدف البحث عن تموقع داخل المسار الثوري من أجل المحافظة على مصالح رجالات هذين الحزبين”، وأوضحت أن “هذين الحزبين كانا يدعمان الاستمرارية لمواصلة النهب، ثم انقلبا فجأة على الرئيس بوتفليقة”.

وكانت حنون تتحدث عن انقلاب لافت في المواقف لدى أحزاب السلطة وقياداتها، “جبهة التحرير الوطني” التي يقودها معاذ بوشارب، و”التجمع الوطني الديمقراطي” الذي يقوده رئيس الحكومة المستقبل أحمد أويحيى، حين أعلن الحزبان دعمهما لمطالب الحراك الشعبي بالتغيير السياسي، وأقرت قيادات في الحزبين بوجود قوى غير دستورية كانت تسيّر البلاد في السنوات الأخيرة التي تعرّض فيها بوتفليقة للمرض.

وقبل يومين أعلن المتحدث باسم “التجمع الوطني الديمقراطي” صديق شهاب، في برنامج تلفزيوني أن ترشيح بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة كان مغامرة وفقدان بصيرة، وأقر أن قوى غير دستورية (يفهم منها في الغالب السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس بوتفليقة)، كانت تدير البلاد وتتخذ القرارات في السنوات الستّ الأخيرة منذ مرض الرئيس بوتفليقة في إبريل/ نيسان 2013.

وإضافة إلى تحذيرات حنون، كان المتظاهرون قد طالبوا بحل الحزب الحاكم وإبعاده من الساحة السياسية، بسبب ما يعتبرونه المشاركة والتواطؤ في الفساد.

وطالبت القيادية في الحزب اليساري بتغيير جذري لطبيعة النظام السياسي في البلاد، وتبني نظام برلماني من غرفة واحدة في الجزائر، يتم انتخابه بشفافية من قبل الناخبين، على أن يتم انتخاب رئيس الجمهورية داخل هذا البرلمان الذي سيمثل السيادة الشعبية وبصلاحيات الرئيس المحدودة، مشيرة إلى أن “بعض الدعوات التي تطلق مخاوف وتحذيرات من إسقاط النظام، تحاول إضفاء الضبابية في الساحة السياسية، لكن الأغلبية السياسية والشعبية متفطنة لذلك ومتمسكة بمطلب إنهاء النظام”.

وجددت حنون رفضها “عقد ندوة الوفاق الوطني التي تروّج لها السلطة منذ إعلان رئيس الجمهورية ترشّحه، لكونها تتشكل من قبل الولاة التابعين للنظام، وتضم بالأساس شخصيات تابعة لأحزاب الموالاة بصفة عامة، بهدف حماية النظام غير المرغوب فيه من الزوال”.

ودعت حنون إلى توسيع النقاش السياسي، وإنشاء لجان طلابية في الجامعات حول مستقبل المسار الثوري، ولجان شعبية في الأوساط العمالية والمعلمين، والأطباء والعاطلين للمساهمة في صناعة المستقبل، وتحديد طبيعة نظام الحكم في الجزائر مستقبلاً، لكنها حذرت من إمكانية إطالة عمر المرحلة الانتقالية، واستشهدت بتجارب سابقة في عدد من الدول الأفريقية لم تنجح فيها المراحل الانتقالية وأدّت إلى حروب وتمزقات داخلية.

بن فليس يدعو للصمود

من جهته، أكد رئيس الحكومة الجزائرية الأسبق علي بن فليس، أن القوى التي تدير البلاد بدلاً من بوتفليقة، تعيش أنفاسها الأخيرة، داعياً الشعب الجزائري والناشطين في الحراك الشعبي إلى الصمود لتحقق هدف رحيل النظام والقوى غير الدستورية من الحكم.

وقال بن فليس في تصريح للصحافيين، قبيل اجتماع لقوى المعارضة السياسية: “تشهدون أنني كنت أتكلم منذ أكثر من ثلاث سنوات عن القوى غير الدستورية، إنها تتمثل في أولئك الذين يستعملون خاتم الرئاسة، والذين يستعملون المال العام، ويرافقهم إعلام فاسد يساير ويؤيد هذا الفساد، وهناك مؤسسات مدنية للدولة أنجرت معهم بحكم السيطرة من طرف القوى غير الدستورية على القرار السياسي والاقتصادي”.

وأكد بن فليس، وهو أبرز منافسي الرئيس بوتفليقة في انتخابات 2004 و2014، أن “القوى غير الدستورية هي التي استدعت الهيئة الناخبة للانتخابات، وهي التي أسست للعهدة الخامسة، وأسقطها الشعب الجزائري السيد”.

واتهم بن فليس، الذي عمل مع الرئيس بوتفليقة بين عامي 1999 حتى 2003 رئيساً لديوانه ثم رئيساً للحكومة، هذه القوى بمحاولة اختراق الحراك الشعبي “واستهداف المسيرات ولم تستطع، لأن الشعب فرض رأيه، إنها في أنفاسها الأخيرة وسيرحلون والشعب سيقرر مصيره”.

ودعا بن فليس الحراك الشعبي والناشطين إلى الصمود في الشارع ومواصلة المطالب حتى رحيل النظام، مشيراً إلى أنه لا مفر لهذه القوى والنظام من الرحيل والتسليم بالأمر الواقع، وقال: “أتوقع أن تتم الاستجابة لإرادة الشعب لأن إرادته من إرادة الله، هو شعب عظيم.. طرد الاستعمار الغاشم الذي قتل مليوناً ونصف المليون من الشهداء”.

مقالات ذات صلة